عبد العزيز داودي
أكيد أنه لم يعد مقبولا ولا مستساغا أن تجول في حواضر ومدن المغرب سيارات أجرة متهالكة يعود تاريخها إلى ثمانينات القرن الماضي، فرغم المجهود الكبير الذي بذلته الدولة بتخصيصها لغلاف مالي مهم لتجديد أسطول سيارات الأجرة، ورغم أن التجديد في كثير من المدن بلغ أوجه، فما زالت العديد من العراقيل تعترض عملية التجديد في الكثير من المدن، ولعل أهم هذه العراقيل هي عدم تمكين أصحاب العقود العرفية أو العقود الطويلة الأمد من منحة الدعم بمبرر أن المسطرة تتطلب إبرام العقود النموذجية. وهكذا تبخرت امال الآلاف من المهنيين، خصوصا في مدن الشمال: الناظور، طنجة، تطوان والحسيمة، لا لشيء إلا لكون مالكي المأذونيات رفضوا إبرام العقود النموذجية مع المستغلين، أو لكون الجهات الوصية على القطاع، أي الولايات والعمالات لم تتعاط بالشكل الحازم ولم تتحمل مسؤولياتها كاملة كما تقتضيه ذلك المادة الثانية من الظهير الشريف 1-63-260 باعتبارها صاحبة الحق الشرعي في التصرف في ملكها، على اعتبار أن أصحاب المأذونيات لا يملكون الحق في التصرف المطلق في ملك الغير.
وينضاف إلى مشكل العقود العرفية مشكل آخر مرتبط بمزاجية الإدارة التي تشترط مدة 4 سنوات على الأقل المتبقية في العقد للاستفادة من دعم تجديد الأسطول، مع العلم أن الدوريات والمذكرات الوزارية، وإن كانت لا تلزم السلطة القضائية في شيء، فهي ملزمة للإدارة، فالدوريتان 61 و 16 الضامنتان لاستمرار العلاقة التعاقدية وجب تفعيلهما ضمانا لاستقرار السائق المهني في عمله، ولوضع حد لجشع بعض مالكي المأذونيات في طلبهم للرشوة (الحلاوة) اثناء كل تجديد للعقود النموذجية، ويشجعهم في ذلك أحكام قضائية غالبا ما تستند على قانون العقود والالتزامات، وعلى أن العقد شريعة المتعاقدين، وكذلك تهاون العديد من الولاة والعمال في ممارسة صلاحياتهم التي يقرها الظهير الشريف، على اعتبار أن منطوق الحكم يحكم بإرجاع المأذونيات إلى أصحابها وليس باستغلالها، لأن الاستغلال اختصاص حصري للعامل أو الوالي بدليل أن مالك المأذونية ملزم أثناء تفويتها للغير بتقديم طلب إلى الوالي أو العامل، هذا الأخير، وبناء على تقديره، قد يقبل الطلب أو يرفضه.
إذن فبين الرغبة الجامحة للقضاء على سيارات الأجرة المتهالكة للمهنيين وبين جشع بعض مالكي المأذونيات، لا يبقى للسلطات المحلية سوى تحمل مسؤولياتها كاملة في إجبار الأطراف المتعاقدة على الانخراط الكلي للدولة، الرامي للقضاء على السيارات المتهالكة لان ذلك سيساهم بشكل كبير في الحفاظ على البيئة وحماية أرواح مرتفقي سيارات الأجرة، وتحسين ولوجيتهم ثم في اقتصاد الكازوال…