عبد العزيز داودي
أثار المعاش الذي استفاد منه بنكيران، والذي قدر ب 9 ملايين سنتيم شهريا، ردود فعل واسعة ومستنكرة على اعتبار أن المبلغ خيالي، ويدخل في خانة الريع الذي طالما نادى بنكيران بمحاربته، وأكثر من ذلك هو صاحب مقولة “غرغري أو لا تغرغري فلن تأكلي سمنا ولا عسلا حتى تأكل الرعية”، المقولة المنسوبة لعمر بن الخطاب رضي عنه، وطالما أطربنا بترشيد النفقات العمومية، وبأن الأجر لن يكون إلا مقابل العمل، ومع ذلك نزه نفسه عن النصائح، وأوصى الناس دون أن يوصي نفسه.
تزهد قولا وأغذق في العيش فعلا، وحصل هذا كله في الوقت الذي تعالت فيه العديد من الأصوات الحقوقية والنقابية والسياسية بإلغاء معاشات البرلمانيين والوزراء، المطلب الذي ناهضه وزراء العدالة والتنمية أنفسهم الذين فيهم من وصل إلى حد التهديد بالاستقالة في حال ما إذا ألغيت معاشات البرلمانيين والوزراء.
وما لا يستقيم مع منطق وما لا يقبله عقل هو أن تتقاضى أرامل أجورا لا تصنف حتى في خانة الزهيدة، ويستحيي المرء من ذكر قيمتها المتأرجح بين 200 و 20 درهما. والغريب أن هؤلاء الأرامل قد يكن ازواج جنود قضوا نحبهم استشهادا في رمال الصحراء، أو أنهم قدموا خدمات جليلة للوطن أثناء ممارستهم لوظائفهم في مختلف الأسلاك.
كيف نصون إذن كرامة هؤلاء الأرامل، مع العلم أنهن عديمات الحماية وبلغن من العمر عتيا؟ هل بمبلغ 20 درهما أو 200 شهريا نوفر الحد الأدنى من متطلبات العيش الكريم لهؤلاء؟ وهل في برامج الأحزاب ما يوحي بالالتفات لهاته الشريحة من المجتمع أو يقطع مع ريع معاشات البرلمانيين والوزراء حفاظا على الموارد المالية للدولة التي يقر الكل بأنها تضررت كثيرا بفعل التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا؟
ثم، وهذا هو الأهم كذلك، أين هي مكونات المجتمع المدني؟ وما رأيها في موضوع لم يعد من الطابوهات ويقض مضجع كل غيور على ابناء وطنه؟ أسئلة وأخرى ننتظر الإجابة عنها. لكن الأهم هو الإسراع في تسوية أجور هؤلاء الأرامل بما يضمن لهن العيش الكريم ويقيهم شر الاستجداء والتسول…