تأليف المبدع ذ. الحسن مختاري
الجو حار، وأنا جالس أتفرج على مسرحية “ملحمة بلادي” لمخرج غربي انطلق في طريقه نحو الشهرة… سرعان ما دخلت في القصة لأن بطلها كان يجلس في غرفة تشبه غرفتي التي تطل على خارج ملغوم… البطل بدأ قصته… المتعة والتشويق… شريط لا أرغب له نهاية…
وكعادته، ساعي البريد كلما خطفته رجلاه إلى حينا، إلى شارعنا، إلى منزلنا، بابتسامة عريضة يلقي أدبه في تحية وسلام، رجل ذو محفظة
من ألغاز تستوجب التشفير في أغلب الأحيان، ناولني الجميل الرائع رسالة وانصرف!
مَاءَتْ قطتي معلنة حضورها واستغرابها لحضور ساعي البريد، لم تجرأ على مساءلتي في سبب الرسالة، انطوت إلى حالها في انتظار ردة فعلي بعد قراءة الرسالة حتى تفهم الشكل والمضمون…
فكرت في العودة إلى أحداث الملحمة، وجدت البطل في حيرة… فتحت الرسالة، إنها دعوة… بعد استكمال سطورها من القراءة فهمت أنني مَدْعُوٌّ إلى وليمة.
بدأت أولى ساعات الوليمة وقت اختلاط آدمي غير منظم، صغار وكبار، إناث وذكور، الكل حضر! رحب فرسان الوليمة بالجميع، مرحبا يا مرحبا، الخواطر لا تُجْبَر… القناعات داخل مختبر… المهم أنكم حضرتم…
الزحمة… الاختلاط… الفوضى… إنها الوليمة!
ولأنني لا أقبل الضوضاء ارتكنت ركن السكينة أتفرج على الوليمة… في هدوء تام جلس شيخ بجانبي حاله حال المصابين بمرض عقلي والشفاء للجميع… اللهم ألبسنا ثوب الصحة والعافية والعقل السليم… نحنح الجليس ونظر إِلَيَّ مستنكرا جلوسه من غير إذن… أخرج من “قلمونة” جلبابه كناشا قديما ثم عَرَّجَ عن تاريخه بخصوص الولائم… في الأول ناداني أيها المعزوم… اسمع!
الماضي والحاضر أزمنة تشتعل فيها نيران الولائم… الأفعال بالجملة… الشر والقبح… تُنْحَرُ الذبائح… تُفْسَدُ الأخلاق… يكثر البهتان… تُهْتَكُ الأعراض… الوعود بدون ميزان… السرقة الموصوفة مع سبق الإصرار والترصد!
وماذا عن بطل المسرحية؟!…
ختم الشيخ الحكيم كلامه: نيران ودخان ثم رماد.
شكرا على الدعوة!