قاسم حدواتي
نظيفة، نشيطة، خدومة، وبشوشة في وجه الطبيبات والممرضات…، لا تميزها عنهن في اللباس إلا من خلال عملها الروتيني والأجر الزهيد…
فبعد الاستيقاظ الباكر، وإعداد وجبتي فطور الصباح والغذاء لأسرتها، تتوجه صوب عملها عبر الأزقة والدروب الخالية، مما قد يشكل خطرا إضافيا لمخاطر عملها اليومي، المتجلي في تنظيف المخلفات البشرية، الممرات، والولوجيات…، تهيء فضاءات الاستقبال واشتغال الأطقم الطبية بمعدل لا يقل عن مرتين أو ثلاث يوميا، ناهيك عن خطورة التعامل مع النفايات الطبية. ومع انتهاء مهامها، تراودها كوابيس وتخيلات أنها قد تصاب بالفيروس بحكم مهامها الخطيرة…
بعد يوم عمل متعب وشاق، تعود مساء إلى منزلها منهكة القوى لتباشر وظائفها بشكل مجبر، قبل الخلود للنوم، لتبدأ في التساؤل: هل سيتغير حالها وقدرها يوما ما؟ هل يمكن قضاء يوم دون انحناء لالتقاط المهملات والمخلفات…؟
اضطرت لخدمة الغير عوض مد اليد، قد تجدها أرملة أو مطلقة، وحتى متزوحة تساعد رب أسرتها على سد نفقات العيش القاسية، هي بطلة تعمل بالبيت وخارجه، ولا يتحدث عن معاناتها أحد. تباشر عملها قبل الجميع، دون التوفر على أبسط الحقوق في التأمين.
ما يلزمها سوى الصبر وٱنتظار الفرج، لا ٱعتراض ولا ٱحتجاج خوفا من الطرد، رغم معضلة الأجر الهزيل الذي لا يكفي لسد حتى الحاجيات البسيطة. زد على ذلك سوء معاملة بعض المواطنين بسلوكياتهم المسيئة، ونظرات الاستصغار…
وضعيتها تثير عدة إشكالات اجتماعية وقانونية، خاصة مع تزايد أعدادهن، وإقبال عدة شركات لتدبير هذا القطاع. وبالنظر لوضعيتها الهشة، تتعرض لاستغلال اقتصادي كبير تمليه حاجتها للعمل، خاصة وأنها تنتمي لفئة اجتماعية هشة، أغلبها غير واعية ومفتقدة للقدرة على الدفاع عن مصالحها الاقتصادية والحقوقية.