نورالدين زاوش: كاتب إقليمي سابق لحزب العدالة والتنمية
إذا كان للربيع العربي من حسنة؛ فلن تكون سوى أنه عرَّى سوأة ما يسمى بالحركة الإسلامية وأظهر للعالم عُوارها واعوجاجها ونفاق مناهجها وبرامجها وسوء نية القائمين عليها؛ فهذه الأخيرة لا يُسمع لها صوت ولا يظهر لها أثر؛ إلا عند الأزمات الكبرى والثورات الغاشمة وهيجان الجماهير التواقة للحرية والعدالة والكرامة؛ لتتفاجأ هذه الشعوب بعد أن يستتب الأمر لأباطير الحركة الإسلامية، وبعد أن تتذوق مؤخراتهم دفء الكرسي وحلاوتَه وطلاوتَه لأول مرة، أنها تعرضت لأكبر احتيال في تاريخها الطويل ممن يختبئون وراء اللحى الغليظة، والجلابيب البيضاء النقية، وقلوبهم أشد سوادا من عتمة الليل الحالك.
ليس من باب الصدفة أن يشتد عود جل الحركات الإسلامية في العالم ويقوى عضدها في وقت الهرج والمرج، وليس عبثا أن يتزامن ظهورها مع ظهور الجماهير الساخطة؛ فهذه الحركات تجيد ارتداء لباس البطل المنقذ، وتتقن التلاعب بعواطف الناس والمتاجرة بآلامهم وآمالهم؛ لذا كان من الطبيعي أن تكتسح صناديق الاقتراع في غزوات الصناديق المقدسة رغم أنها لا تحمل رؤية واضحة لساسة الناس، ولا تتوفر على أدنى مقومات الحكم. هكذا تسيد حزب الإخوان المسلمين في مصر، وحزب النهضة في تونس، وفي المغرب تسيد حزب العدالة والتنمية، وهكذا عم الخراب واستشرى الدمار أو يكاد.
إن أكبر عاهة تعاني منها الحركة الإسلامية أنها وقت ضعفها تعتبر نفسها منافسة للدولة وندا لها، ووقت قوتها تعتبر نفسها بديلا عن الدولة وخليفة لها، هذا وحده ما يفسر قول عبد العالي حامي الدين، عضو أمانة حزب العدالة والتنمية، بأن الملكية مُعيقة للتنمية، دون أن يفسر كيف استطاعت هذه الملكية رغم إعاقتها للتنمية أن تحكم أربعة قرون وأكثر برضى تام للشعب ومباركة شديدة منه؛ اللهم إذا كان يرى أن الشعب مجرد قطيع من الأنعام لا يفهم ولا يستوعب ولا يفكر.
الحقيقة أن الملكية كانت دوما وما تزال صمام أمان لهذا البلد الآمن المطمئن، ورمز استقرار يشهد به القاصي قبل الداني، والعدو قبل الصديق، وما أظن حامي الدين يجهل ذلك؛ لكن لا بأس عليه، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، والطريق السالك للكرسي مليء بالأكاذيب والأباطيل والأساطير والمناورات والمؤامرات؛ بَيْد أنه في نهاية المطاف، لا يصح إلا الصحيح.
هكذا فوتت رياح “الربيع العربي” المشؤوم عشر سنوات على المغرب من التقدم والرقي مع ترؤس الإخوان الجهلة سدة الحكومة، وهكذا ضاعت الأحلام الوردية التي دأبت الحركة الإسلامية على رسمها في خيال الشعب البئيس عقودا طويلة، ليتبين فيما بعد، أن ما يسمى بالحركة الإسلامية ليست إلا أداة ناجعة لإعاقة التنمية في بلد الإسلام والمسلمين.