نورالدين زاوش:عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة
قريبا سنُشَيع حزب العدالة والتنمية إلى مثواه الأخير، قريبا سيتنفس الشعب الصعداء من حزب جثم على صدره عقدا من الزمان أو يزيد؛ أذاقه فيها من الويلات أصنافا وأشكالا، ومن العذاب أنواعا وألوانا، قريبا سينزاح الكابوس ذو الوجه القبيح، وتتلاشى خطابات الشرف المنمقة، وتتوارى الشعارات البراقة، ويسقط القناع عن الوعود المعسولة، قريبا ستشرق الشمس نقية بهية، مثلما كانت تشرق ذات يوم، على هذا البلد الآمن الذي حاول تجار الدين أن يروعوه تارة بالتخويف والترهيب، وبالوعد والوعيد تارة أخرى، لكن هيهات ثم هيهات لهم ذلك.
شعار “إسقاط الفساد” لم يعد يستهوي أحدا، وخطابات “التحكم والاستبداد” أصبحت تدعو للاشمئزاز والامتعاض، وأسطوانة “الحكومة المهداة من السماء” عادت كأساطير الغول وطائر العنقاء وبيْض الأَنُوق، لا وجود لها إلا في خيالات السذج الذين استحوذ الشر على أرواحهم، أو في منامات من ابيضت لحيته وطالت سُبحته فظن، عن جهل أو تجاهل، أنه ولي من أولياء الله، وهو أقرب إلى الشيطان منه إلى أي أحد آخر.
صرح لحسن الداودي عشية تصدر حزبه للانتخابات بأن الشعب ذكي لأنه صوت لصالح حزبه، وحينما تعرض الحزب لهزيمة الانتخابات النقابية النكراء، صرح أحد مسؤوليهم بأن في الشعب خصلة كخصلة قوم لوط الذين كانوا يطردون المتطهرين، في إشارة لحزبه الطاهر المطهر.
هكذا ستظل صورة الشعب في عيون هؤلاء القوم الذين لا يتعظون ولا يهتدون سبيلا؛ شعب ذكي وشريف بمقدار ما يصوت لصالحهم، وبليد وسفيه وأشبه ما يكون بقوم لوط بقدر ما يصوت ضدهم، وهكذا ستظل صورة الانتخابات في عقولهم الصغيرة وصدورهم الضيقة؛ انتخابات نزيهة وشفافة بقدر ما يجنون من كراسي وثيرة في البرلمان، وبقدر ما يصلحون من “صالون وكوزينة وبيت النعاس”، ومشكوك في مصداقيتها، مطعون في نزاهتها بقدر ما تسلب منهم المناصب والمكاسب.
كل شيء في الكون، حسب اعتقادهم، مرتبط بهم ويدور حولهم، وكل الأحزاب والهيئات والمؤسسات، حسب تصورهم، تكيد لهم وتتآمر عليهم، يحسبون كل صيحة عليهم، ويعدون كل قانون أو إجراء تسنه الدولة إنما لضرب شعبيتهم التي بلغت عنان السماء وملأت أخبارها أرجاء المعمور؛ إلا أن اللعبة البغيضة قد انتهت، أو تكاد.