الزائر لمدينة وجدة الألفية عاصمة زيري بن عطية المغراوي وجوهرة جهة الشرق، يصدمه حالها وواقعها ومستقبلها، إذ لم يسجل تاريخها حقبة أو فترة مؤسفة ومؤلمة للواقع التي آلت إليه من الإهمال والتهالك، ولا أحد من المسؤولين من السلطات المحلية والمنتخبة انتفض ونفض الغبار عليها وحتى من السكان ذاتهم لعدم اكتراثهم وملكهم العمومي ولا بمآثرها التاريخية ولا بموروثهم الثقافي.
أول ما يثير انتباه الزائر والمواطن “اختفاء” ممرات الراجلين والخط المستقيم الذي يفصل الطريق المزدوج وخطوط مواقف السيارات وأرصفتها وعلامات التشوير المختفية بين أغصان الأشجار، ولا مجال للحديث هنا عن تهالك سور المدينة القديمة وتحول محيط المسجد الأعظم لمرحاض أو احتلال أبواب المساجد وطرقاتها وأرصفتها من طرف الباعة الجائلين والقارين وأصحاب الدكاكين والمقاهي وازدحام المدينة القديمة وممراتها وتخريب ساحاتها ونافوراتها وتهالك طرقاتها المؤثثة بالحفر واحتوائها على مطبات عشوائية خطيرة أو تكاثر الكلاب الضالة واحتلالها لفضاءات المدينة ووصلت إلى ساحات الفضاءات التجارية الكبرى وتناسل حراس السيارات بدون وجه حقّ وابتزاز أصحابها تحت التهديد و…و…و…
إن أهمية ممرات الراجلين وعلامات التشوير الخاصة بالسير والجولان بالغة الأهمية، إذ هي التي تحمي الراجلين، كبارا وصغارا، نساء ورجالا، من مخاطر الطريق، وتفرض بالقانون الوقوف والتوقف على السيارات كيفما كان نوعها وكيف ما كان سائقها، ولا بأس أن نذكر بقولة يتم تداولها لدى الأوروبيين تخص المواطنين الراجلين السالكين للطرقات :”الراجل سيد الطريق” والسائق الأوروبي يتوقف بكلّ احترام وإجلال للراجل عند رغبة هذا الأخير في المرور من رصيف إلى آخر.
من حقّ المواطن الراجل (السائر على الأقدام) المُستعمِل للطرقات أن يقاضي مجلس جماعة وجدة في حالة تهاونه عن القيام بضمان الخدمات التي انتخب من أجلها في تأمين سلامته والحفاظ على حياته وتحركاته وتنقلاته بكلّ أمن واطمئنان وعلى أولوياتها إعادة صباغة الممرات وخطوط السير والجولان ومراجعة مواقع وحجم المطبات (لي ضو ضان les dos d’âne) التي أقيمت بطريقة عشوائية.
لقد اهتدت المصالح البلدية بالجماعة الحضرية لمدينة وجدة إلى حلول سهلة وغير مكلفة بهدف التخفيف من سرعة السيارات والمركبات والدراجات النارية عند الاقتراب من ممرات الراجلين والأضواء المنظمة للسير والجولان بمختلف الشوارع والطرقات والأزقة بمدينة وجدة تجنبا لحوادث السير.
المسؤولون عن هذا القطاع وضعوا مطبات (مُخَفِّفات السرعة) بأشكال متنوعة ومقاييس مختلفة ومزاجية (أو ما يطلق عليه بالعامية “لي ضو ضان les dos d’âne“) بهدف إجبار السائقين على تخفيض السرعة، لكن ما يلاحظه مرتدو الطرقات وسالكوها والمارة من المواطنين أن هذه المطبات تمّ وضعها بطريقة عشوائية من طرف أشخاص لا يفقهون في قوانين السير ولا سلامة المواطنين، دون الحديث عن هؤلاء الأشخاص من ساكنة المدينة الذين يتجرؤون ويضعون مطبات بأزقتهم وأمام منازلهم دون موجب حقّ قد يتسببون في حوادث خطيرة، ضدا على القانون المنظم لهذا المجال.
والملاحظ أن العديد من هذه المطبات هي بمثابة حواجز يجب “القفز عليها” أو “نطحها” ولا تخضع لأي معايير أو مقاييس بحكم أنها أكوام من خليط الإسمنت والرمل لا ترى بالعين بعد أن اختلط لونها بلون الطريق المُعبَّد، وبدل أن تكون مخففات للسرعة لضمان السلامة تحولت إلى حاجز يضمن حادث سير أو إلحاق أضرار بالسيارة خاصة تلك التي هيكلها منخفض وقريب من سطح الأرض، وبدل أن يجسِّد المطبّ اسم وصورة “ظهر حمار” فهي بحقٍّ “سنم جمل”.
عدد من سائقي السيارات الغافلين ممن لا ينتبهون في بداية الأمر لعلو المطبّ (منهم كاتب هذا المقال) يُعاقَبون بأضرار الصدمات والارتجاجات والسقطات، وتُربكهم وتُرعبهم الهزات نتيجة قفزات العجلات على المطبّ أو احتكاك هيكل السيارة بها، فيَصبُّون جام غضبهم على المسؤولين المنتخبين بمجلس الجماعة الذين يقضون أوقاتهم في جلسات من النقاشات العقيمة والصراعات الحزبية دون أن ينجحوا في التوافق على مصالح المدينة وسكانها.
المصالح البلدية مسؤولة عن إصلاح الطرقات وعليها برمجة خرجات للمراقبة وإصلاح ما تهدم في الطرقات وتهاوى أو كان آيلا للسقوط أو غير مطابق لقانون السير وسلامة المواطنين والإسراع بترميمه وإصلاحه وفق المعايير والمقاييس العالمية تحت إشراف مهندسين مختصين مع وضع علامات التشوير لهذه المطبات، اتقاء لوقوع حوادث سير خطيرة قد تودي بحياة المواطنين الأبرياء في غفلة منهم، مع استحضار توافد السواح أو أجانب لحضور اجتماعات ومؤتمرات ولقاءات.
“إذا كان المنتخبون منشغلون في الصراعات الحزبية منذ الانتخابات الجماعية وتشكيل مجلس هجين غير متجانس لا يعرف له أغلبية ولا تحالف ولا من مع من ولا من ضد من، وبين هذا وذاك ضاعت مصالح المواطن ومستقبل المدينة وتهاوت مشاريعها ومنجزاتها، إذا كان ولا بدّ فعلى السلطات المحلية والولائية التدخل لأخذ زمام الأمور للحفاظ عل مكتسبات مدينة وجدة الألفية وصيانة ممتلكاتها وضمان السير العادي لدواليبها”، يعقب أحد سائقي السيارات الصغيرة التي اهتزت سيارته للسقطة على مطبٍّ يقع بالطريق المؤدي إلى حي التينس في ملتقى الطرقات لمدرسة تكوين الأساتذة .
هناك عدّة شروط ومواصفات قياسية يجب توافرها لوضع المطبات الصناعية في الشارع، حسب المتعارف عليه دوليا، حيث يقوم بعض الأشخاص بوضعها أينما أرادوا سواء أمام منازلهم أو مكاتبهم أو محلاتهم.
ويجب أن يتوفر الشارع المراد وضع مطب صناعي فيه على حركة الراجلين كثيفة تستدعي وجود المطب لإبطاء حركة السيارات حفاظاً على أمن الراجلين، وعند التقاطعات المرورية الحرجة والتي لا تحتوي على ازدحام كبير يستدعي وجود إشارة، ولكن في نفس الوقت لا يمكن تركها بدون تنظيم. لذلك تظهر فائدة المطبات الصناعية في تخفيف سرعة السيارات قبل الوصول إلى التقاطعات.
وتخضع المطبات المسطحة أو القوسية لتصميم هندسي بمقاييس ومعايير دولية سواء من حيث الطول أو العرض أو العلو أو الانحدار وتوضع المطبات بحيث تكون متعامدة باتجاه سير المركبات ومع الطريق.
ولا توضع المطبات على مخارج الإنقاذ والإسعاف والإطفاء والنجدة واستشارة كل من الدفاع المدني والإسعاف والشرطة في المنطقة قيد الدراسة.