بقلم المبدع أبو جاد هاني
هذا هو لقب أحد سكان الحي المتقاعدين الذي كنت أشفق عليه من لقب ”الحولي” المضاف إلى اسمه الحقيقي مبارك، لأنني ضد التنابز بالألقاب أولا، ثانيا مراعاة لسنه المتقدم نسبيا…
كنت أظن أن اللقب التصق به بسبب غبائه وثقل دمه وفرض نفسه على المجالس، أو بسبب قصر قامته وبطنه البارزة، أو بسبب طريقة مشيته المتعثرة، والتي يخيل إليك أنه يكاد يقع أثناء كل خطوة يخطوها، إلى أن عرفت هاته السنة أنه حمل هذا اللقب الغريب (الحولي) بسبب اهتمامه المبالغ فيه بعيد الأضحى، إذ لا حديث له قبل هاته المناسبة بما يزيد عن الشهر إلا عن ثمن الأضحية الخاصة بكل الأسواق، بدأ بحد السوالم وانتهاء بسبت اولاد النمة. أما لو بعثت له السلام عبر تقنية الواتساب، فلا يرد عليك إلا بشريط أو أشرطة تخص المناسبة.
من سوء حظي أنه كان جليسي بالأمس بمقهى الحي. ابتسمت في وجهه ابتسامة مزيفة ممزوجة بالتبرم كنوع من التحذير من الخوض في موضوع الأضحية وسعرها ووووو… لكنه لم يبال، إذ أخرج هاتفه المحمول وانخرط في نوبة من الضحك الهستيري وهو بريني خروفا يفر من صاحبه. تجاهلته لكنه أصر على أن اقاسمه مشاهدته الفيديو وضحكه الهستيري.
حاولت أن اجذبه إلى عالمي الذي أفقه فيه جيدا بأن سألته عن أحب الفنانين المغاربة إليه، أجابني بحماس: أحب المخرج نوفل البراوي، خاصة في فيلمه التلفزيوني “الكبش”، والممثل عبدو المسناوي، خاصة في دوره في الفيلم التلفزيوني الذي أضحكني وأبكاني في رحلة بحثه عن الكبش.
همست بلهجة المشارقة: “اللهم طولك ياروح”، وكأنني لا أمل من إخراجه من عالم الخروف وما يرمز إليه. سألته بحماس زائف: والأغاني المغربية؟
رد بدون تردد: الحاجة الحمداوية، خاصة أغنيتها الشهيرة: “لحولي بڭرونو سايڭ الرونو”.
كمحاولة أخيرة مني فكرت أن أدخله معي عالم النميمة، وأنا أعلم أنها فاكهة جهنم اللذيذة، بأن سألته عن أحد سكان الحي المعروف بسمعته السيئة، وأنا كلي آمال أن أبعده عن عالم الخرفان.
أجابني بسرعة وكأنه كان في انتظار سؤالي: “هو فعلا ولد الحرام من فعلو ولكن تا يعرف يقلب الحوالا”.
لأول مرة أرفع الراية البيضاء أمام أحد محدثي، وأنا أهم بالانصراف من المقهى، دعوت أحد المعارف أن يجلس مكاني وكأنني أدعوه إلى وجبة طعام ثقيلة…