نموذج حديث يحاكي غرفة العنبر الأصلية في مدينة سان بطرسبورغ اكتمل بناؤه عام 2003 (رويترز)
الحدث الشرقي
كانت تعتبر ثامن عجائب الدنيا، وما يزال مصيرها أحد أكبر ألغاز الحرب العالمية الثانية، ماذا تعرف عن غرفة العنبر الفخمة التي كانت جزءا من أحد قصور الإمبراطورية الروسية بالقرب من مدينة سان بطرسبورغ قبل أن تستولي عليها قوات هتلر وتختفي مع نهاية الحرب عام 1945؟
مجلة ناشونال إنترست (National Interest) الأميركية نشرت تقريرا يسلط الضوء على “الغرفة-الكنز” المصنوعة من عدة أطنان من العنبر والأحجار الكريمة والمطلية بالذهب.
يعود تاريخ بناء غرفة العنبر، التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالإمبراطورية الروسية، لمطلع القرن الـ18، حيث صممها النحات الألماني أندرياس شلوتر وبناها حرفي دانماركي مختص في العنبر يدعى جوتفريد ولفرام لتكون جزءا من قصر ملك بروسيا فريدريش الأول.
وبحسب التقارير فإن ملك بروسيا أهداها في عام 1716 للقيصر الروسي بطرس الأكبر، وذلك لتعزيز تحالف البلدين ضد السويد آنذاك.
وقد نقلت الغرفة الثمينة إلى روسيا حينها في 18 صندوقًا ضخمًا وتم تركيبها بأحد قصور القيصر في سان بطرسبورغ، ثم نقلت مجددا عام 1755 إلى قصر كاثرين الشهير في مدينة بوشكين الروسية، القريبة أيضا من سان بطرسبورغ، والتي كانت تعرف في ذلك الوقت باسم “تسارسكوي سيلو” وتعني “قرية القيصر”.
عندما نقلت إلى بوشكين، تمت دعوة مصمم إيطالي ذائع الصيت لإعادة تصميم الغرفة الفخمة على نحو يتناسب والمساحة الجديدة الكبرى التي استقرت فيها، واستدعى التصميم الجديد تركيب عنبر إضافي تم شحنه من برلين.
وعندما انتهت عملية التوسيع، كانت المساحة الإجمالية للغرفة حوالي 180 قدمًا مربعة، وتحتوي على 6 أطنان من ألواح العنبر الثمين المدعمة بالأحجار الكريمة والمطلية بالذهب، وقدرت قيمتها بحوالي 176 مليون دولار من أموال اليوم.
مصير مجهول!
خلال الحرب العالمية الثانية ومع اقتراب الجيش الألماني من بوشكين، حاول القائمون على قصر كاثرين تفكيك غرفة العنبر وإخفاءها، لكن العنبر الجاف كان هشا للغاية وبدأ يتفتت، لذلك اكتفوا بمحاولة إخفاء الغرفة خلف ورق جدران رقيق، لكن قوات هتلر سرعان ما اكتشفتها.
اختفت “غرفة العنبر” الفخمة بعد استيلاء قوات هتلر على سان بطرسبورغ وضواحيها، التي كان يطلق عليها اسم لينينغراد إبان الحرب، وتم تفكيكها ونقلها، حيث شوهدت آخر مرة في مدينة كونيغسبيرغ الساحلية.
وما زال مصيرها غامضا منذ ذلك التاريخ، بيد أن بعض التقارير تشير مؤخرا إلى أن غواصين قبالة سواحل بولندا يعتقدون أنهم قد عثروا على ما قد يدلهم على مكان كنز القيصر المفقود وفق مجلة ناشونال إنترست.
ويشير تقرير المجلة إلى أن إحدى الفرضيات الكثيرة التي تم تداولها عند اختفاء الكنز تقول إن الألمان ربما فككوا غرفة العنبر وحملوها على متن سفينة خلال هروبهم من المدن التي كانت جيوش الاتحاد السوفياتي تزحف نحوها.
ويعتقد الغواصون الآن أنها قد تكون على متن السفينة البخارية الألمانية “كارلسروخ” (Karlsruhe)، التي أبحرت من مدينة كونيغسبيرغ مطلع عام 1945 محملة بالبضائع والناس ثم غرقت بعد مهاجمتها من قبل الطائرات السوفيتية.
وقد اكتشف الغواصون التابعون لشركة “بالتيكتك” (Baltictech) البولندية حطام السفينة المذكورة أواخر العام الماضي 2020 بعد أكثر من سنة من البحث المضني.
نموذج حديث
ويشير تقرير ناشونال إنترست إلى أن السلطات الروسية قامت بإنشاء نسخة حديثة تحاكي غرفة العنبر بناءً على عدة صور بالأبيض والأسود تم التقاطها لزوايا مختلفة من الغرفة الأصلية.
بدأت عملية البناء عام 1979 وانتهت عام 2003 وكلفت حوالي 11 مليون دولار، وقد احتفل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشار الألماني آنذاك غيرهارد شرودر بالذكرى السنوية الـ300 لإنشاء سان بطرسبورغ في غرفة العنبر الجديدة في حفل موحد يعيد للأذهان المشاعر السلمية التي كانت خلف إهداء غرفة العنبر الأصلية لروسيا.