ذ. الصديق كبوري
نظمت في الآونة الأخيرة عدة أشكال نضالية (وقفات ومسيرات واعتصامات) بمدن وقرى إقليم فجيج حول الحق في الصحة، كما عقدت بعض الحوارات لحلحلة المشاكل ببعض المناطق مثل فجيج وبني تدجيت وتالسينت، وهو ما يطرح السؤال حول دواعي هذه الاحتجاجات وأسبابها الحقيقية.
ولمعرفة ذلك، توجهنا ببعض الأسئلة لموظفين عاملين بالقطاع لمعرفة مسببات هذا الاحتقان غير المسبوق، والذي تتسع رقعته يوما بعد يوم.
بداية تردي الأوضاع بعد 2011:
كل العاملين بقطاع الصحة بالقطاع اجمعوا على أن بداية مسلسل تدهور قطاع الساعة بدأ سنة 2011. وقد عبر البعض عن الاستغراب من الأمر، خاصة وأن في سنة 2011 صدر دستور جديد يقر لأول مرة في الفصل 31 بحق المواطن في الصحة، وهذا ما اعتبروه يشكل تناقضا بين القانون والممارسة. وقد تم التعبير عن هذا التدهور بمعطيات ومؤشرات وأرقام صادمة.
نقص في الموارد البشرية:
كل المتتبعين لأوضاع الصحة بإقليم فجيج يسجلون النقص في الموارد البشرية، فقد كان الإقليم يتوفر على ما يزيد عن 50 طبيبا بين عام ومختص، وقد أصبح العدد بالكاد لا يصل 40 طبيبا رغم التزايد الديموغرافي. والأنكى أن بعض المراكز الصحية لا تتوفر على أطباء، إما بحكم الانتقال وعدم الاستفادة من تعيينات جديدة. أو بسبب رفض التعيين بالإقليم. ومن المناطق التي لايوجد فيها أطباء نذكر على سبيل المثال جماعات بومريم وبوشاون وبوعنان والشواطر وعبو لكحل. أضف إلى ذلك أن الإقليم كان يتوفر على 43 طبيبا عاما وتقلص العدد إلى 11 طبيبا عاما فقط، و27 اختصاصيا.
ويسجل النقص كذلك على مستوى الممرضين والسائقين والمساعدين التقنيين والأطر الإدارية. وحسب الأطر الصحية التي حاورناها، فإن نقص الممرضين والمولدات يشمل جماعة تالسينت وايت بومرم وجماعة بوشاون ومعتركة وتندرارة والحيرش وامباج وبوهدوم وعين الشعير وعين الشواطر والمنكوب والمنجم القديم وعبو لكحل وايش وزناقة بفجيج.
أما بخصوص السائقين، فليس هناك إطار سائق، وكل الذين يتم الاستعانة بخدماتهم في مجال السياقة لا علاقة لهم بالميدان، إذ تتم الاستعانة بحراس الأمن لهذا الغرض، لأن هناك نقصا في عدد السائقين يقدر ب 25 سائقا، وجدير بالذكر أنه قد وقعت عدة مشاكل بهذا الخصوص وضاعت حقوق البعض وذويهم.
الاختلالات وسوء التسيير:
يتخبط قطاع الصحة بإقليم فجيج في عدة مشاكل حقيقية، وهو ما يؤثر على السير العادي للقطاع، وحسب إجابات محاورينا فمن بين الاختلالات والمشاكل المسجلة:
ـ غياب بنك الدم، فرغم وجود بناية لذلك منذ 2003 فإنها مخصصة لإيواء الأشباح والقطط. ويضطر أطر المستشفى الإقليمي للسفر لوجدة مرة في الأسبوع لجلب الدم. وهو ما يستدعي تجهيز الفضاء وتوفير الأطر المتخصصة؛
ـ عدم وجود جناح للإنعاش مجهز بالوسائل والأطر الضرورية، وهو ما تسبب في العديد من الوفيات التي كان بالإمكان إنقاذها؛
ـ عدم استكمال الجناح الخاص بالأمراض النفسية والعقلية الخاص بالنساء وتطعيمه بالأطر الطبية الكافية؛
ـ عدم وجود جناح خاص بالترويض الطبي، وغياب الأطر المتخصصة في تصحيح النطق والتوحد؛
ـ عدم تأهيل الأسطول الخاص بالقطاع (سيارات الإسعاف والوحدات المتنقلة) وتوفير الموارد البشرية الكافية قصد الصيانة المستمرة للأسطول؛
ـ نقص الوعاء المالي بالنسبة للنساء الحوامل واللواتي يستفدن من المجانية؛
ـ عدم الالتزام ببرنامج تسليم الأدوية طول السنة، وغياب مستودعات تستجيب لمعايير التخزين؛
ـ عدم الالتزام بساعات العمل القانونية بالنسبة لبعض الأطباء أو الممرضين، وتهاون الإدارة في إتباع المساطر الإدارية لزجر أي تهاون أو تقصير؛
ـ عدم اعتماد الصرامة الإدارية مع كل الذين واللواتي تم تعيينهم بالإقليم ولم يلتحقوا بمقرات عملهم؛
ـ نقص الأطر الكافية بقسم التحليلات (كان القسم يجري 100 تحليلة في اليوم وأصبح يجري 6 فقط)؛
ـ عدم إعطاء مواعيد معقولة بالنسبة للراغبين في إجراء الفحص بالراديو أو السكانير ونقص الكليشيات الضرورية والكافية لذلك؛
ـ ضغط لوبي القطاع الخاص الذي يعرقل تنظيم القوافل الطبية بالاقليم.
التوصيات:
وفي ما يخص التوصيات من أجل النهوض بقطاع الصحة بالإقليم، فقد سجلنا ما يلي:
ـ ضرورة تقديم تحفيزات مهمة لكل الراغبين في العمل بالإقليم من الاختصاصيين (السكن، النقل، التخييم…)؛
ـ إعطاء كوطا مهمة لأبناء الإقليم على مستوى مراكز تكوين الممرضين وكلية الطب من أجل ضمان الاستقرار للعاميلن بالقطاع بالمنطقة؛
ـ تنظيم قوافل طبية تشمل كل مدن وقرى الإقليم بالاستعانة بالوحدات المتنقلة وبشراكة مع كل الجهات الراغبة في ذلك؛
ـ جعل الجماعات الترابية بالإقليم للحق في الصحة كأولوية وإدراجه في مخططاتها؛
ـ ضرورة الالتزام بتنظيم حركة إدارية لكل المسؤولين الذين عمروا في مناصبهم لأكثر من 4 سنوات.