بوعلام غبشي
الظاهرة “الزمورية” نسبة للاعلامي، المحسوب على اليمين المتطرف، ايريك زمور، جاءت لتملأ ثمة فراغ في الساحة السياسية الفرنسية على مستوى الأفكار، وتضيف المزيد من الضجيج الإعلامي حول الهجرة والاسلام، اللذين حاول اليمين المتطرف التقليدي، بتوجيه من رئيسته مارين لوبان، تعديل نبرته بخصوصهما، لانه اقتنع في اخر المطاف انه اخطا المشوار في التسلل الى الاليزيه، حلمه الأزلي، على ظهريهما.
ونجح زمور الى حد ما في بعث الروح من جديد في خطاب مؤسس الجبهة الوطنية، الاسم السابق لحزب اليمين المتطرف، جان ماري لوبان، ويحاصر اليوم المهاجر والاسلام خاصة المغاربيين في الزاوية، ويطلق العنان للكماته تجاه فئات، تعودت على التهجمات في المناسبات الانتخابية سواء من اليمين المتطرف او مما يعرف ب”اليمين الصلب” الذي فضل بعض صقوره الالتحاق بمارين لوبان.
لقد استطاع هذا الصحافي السابق في الصحيفة اليمينية “لوفيغارو” والقناة المثيرة للجدل “سي نيوز” ان يجر النقاش السياسي نحو الهجرة والاسلام قبل سبعة اشهر من موعد الانتخابات بكيفية لم تكن منتظرة، لوثت الى حد ما الفضاء السياسي الفرنسي، ما يعكر الأجواء للنظر بوضوح للإشكاليات الحقيقية والأكثر عمقا وتجذرا.
وحضوره بهذا الزخم الاعلامي، يخدم سيد الاليزيه إيمانويل ماكرون في هزم مرشحة “التجمع الوطني” مارين لوبان بالسباق الرئاسي المقبل، لانه حضور يقسم أصوات اليمين المتطرف، ويمنح أيضا الفرصة لليسار الراديكالي والخضر للعب الأشواط الأخيرة من الانتخابات الرئاسية.
ومهما علت أسهم زمور في استطلاعات الراي، بحكم انها في تصاعد مستمر في الوقت الحاضر، فلا يمكن ان تغير حقيقة السياسة الفرنسية، التي تظل براغماتية، ولا تصوت لليمين المتطرف الا لتوجيه تحذيرات للطبقة السياسية التقليدية، أو التعبير عن غضبها منها.
فلهذا، تبقى الظاهرة الزمورية مجرد موجة ستنكسر على صخور النقاش السياسي الحقيقي عندما ينطلق جميع المرشحين في الدفاع عن مشاريعهم، والمناظرة التلفزيونية التي جمعت زمور بمرشح ” فرنسا الابية” جان لوك ميلانشو كشفت ان الكثير من أوراق التوت ستتساقط عن هذا “الشبح” السياسي كما يصفه البعض، الذي يتبنى خطابا انعزاليا بعيدا عن لغة الزعماء الكبار الذين عادة ما يشددون على الوحدة والتكتل.