الطيب الشكري
اعتبر النائب البرلماني عن دائرة وجدة أنجاد د/ عمر أعنان خلال مداخلته في اجتماع لجنة القطاعات الإنتاجية، وفي حضور وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أن الكسب و تربية الماشية هو أحد الأنشطة الرئيسية بعدد من الجماعات الترابية، حيث يأمن عيش عدد كبير من الأسر القروية التي تعيش من عائدات ممارستها لنشاط الرعي، في غياب وضعف أنشطة اقتصادية أخرى، مبرزا أن تربية المواشي تساهم أيضا في تأمين السوق باللحوم الحمراء.
عضو الفريق الاشتراكي بمجلس النواب أشار إلى وضعية الكساب المغربي، الذي يعيش مأساة حقيقية بسبب غلاء علف الماشية، وزاد من تفاقمها تأخر التساقطات المطرية، وهي وضعية تهدد القطيع باعتباره ثالث ثروة وطنية، ومخزون غداء استراتيجي، ومصدر رزق لفئة واسعة من الشعب خصوصا لساكنة العالم القروي المهددة بالهجرة.
وأبرز، أن توالي سنوات الجفاف الذي يضرب عدة مناطق، كالظهرا والنجود العليا، كبد الكسابين خسائر كبيرة نتيجة انخفاض في مردودية المراعي الرعوية، وعدم قدرة التعاونيات المسيرة للمحميات الرعوية على حمايتها من ظاهرة الرعي الجائر الذي قضى على الشجيرات العلفية، وحدً من نموها زيادة على الارتفاع في أثمنة المواد العلفية، وهو ما أثر سلبا على الكساب الذي تقلص قطيعه بشكل ملحوظ من أجل تأمين الأكل لما تبقى من قطيعه، فيما عدد من الكسابة طووا خيامهم، بعد استنفاد رصيدهم الحيواني، واستقرار عدد منهم بهوامش المدن.
فالمفارقة هنا، يضيف النائب البرلماني، أن ثمن الكيلوغرام من اللحم عند الجزار لم يرتفع، رغم إرتفاع ثمن كل مدخلات سلسلة إنتاجه، بمعنى أن الدورة الإقتصادية غير كاملة، ينتج عنها تدهور خطير للماشية (الخروف يأكل النعجة)، موضحا في ذات السياق أن الكيس الواحد من الشعير من فئة 80 كيلوغرام وصل ثمنه إلى 320 درهما فيما وصل ثمن الكيس الواحد من النخالة فئة 40 كيلوغرام الى حوالي 140 درهما، وأن ثمن الشعير المستورد عند وصوله إلى المرسى قد بلغ 370 درهما للقنطار، وأن ثمن القنطار بلغ 457 درهما في طلب العروض الأخير بتاريخ 11 نونبر، وهي أثمنة تجاوزت بكثير إمكانية البيع والشراء، علما أن الشعير يخضع للضريبة على القيمة المضافة البالغة 10% ورسم الاستيراد البالغ 2,5%، مبرزا كذلك أن المخزون الوطني من الشعير شبه منعدم، وأن الوضعية جد مقلقة، اعتبارا لمقدور الاستيراد إلى أفق شهر يونيو، إن كان هناك استيراد، لا يتجاوز 200.000 طن، موضحا أن الشعير المدعم لا يستفيد منه إلا القلة من “المحظوظين”، ولا يصل إلى عامة الكسابين، ( قوائم المستفيدين متحيزة جراء تدخلات قياد وأعوان السلطة ومستشارين ببعض الجماعات)، وأن توزيع الشعير المدعم على الجماعات الترابية غير منصف بالمرة حيث نجد جماعة تستفيد من الشعير المدعم بكمية أكبر، مما تستفيد منها جماعة أخرى، على الرغم من أن لديها قطيعا أصغر، مختتما مداخلته بالتساؤل عن الإجراءات التي تعتزم وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات القيام بها لتخفيض ثمن العلف، حتى يكون في مقدور كافة الكسابين؟ وهل ستقوم الوزارة بتفعيل أشكال أخرى من توزيع الشعير المدعم، تضمن الاستفادة لجميع الكسابين؟ وعن أسباب هذا التأخر في اتخاذ قرارات من شأنها طمأنة الكسابين؟ وكذا عن التدابير التي ستقوم بها الوزارة من أجل تعزيز المخزون الوطني من الشعير؟.
فرغم الدعم الذي تقدمه وزارة الفلاحة فيما يخص الشعير يقول عضو الفريق الإشتراكي، إلا أن نتائجه تبقى محدودة بسبب موسميته أولا، وبعدم استهدافه لجميع الكسابة دون استثناء ثانيا، الأمر الذي يدعوا الوزارة الوصية إلى التفكير في بدائل حقيقية وفق استراتيجية واضحة المعالم، بعيدا عن الحلول الترقيعية التي أثبتت فشلها ومحدوديتها، مع الأخذ بعين الإعتبار بنيوية ظاهرة الجفاف التي تضرب عدة مناطق ، خصوصا جهة الشرق، وكذا دعم الشباب القروي بهذه الجماعات، من أجل خلق جيل من الكسابة الشباب المؤطرين داخل تنظيمات مهنية كالتعاونيات وغيرها من الصيغ القانونية التي تمتص جزئيا أعداد العاطلين بهذه المناطق، وتخلق فرص شغل حقيقية لفئة الشباب والشابات.