عبد القادر كتــرة
دشن تجار قضايا الشعوب والمساعدات الإنسانية من جنرالات ثكنة بن عكنون الجزائريين وأزلامهم من مرتزقة “بوليساريو” السنة الجديدة بتحويل المساعدات الإنسانية الموجهة لمخيمات تندوف بالجزائر إلى أسواق موريتانيا، بشهادة مواقع إلكترونية موالية لعصابة “بوليساريو” البطوشية.
أحداث 2022 انطلاق ساخنة، بتعبير موقع إلكتروني ندد بهذه “السرقة الموصوفة”، والتي عبر عنها ب” فضيحة البسكويت الغذائي” الذي أرسلته منظمة التغذية إلى الأفئدة الجائعة بالمخيمات، وظهرت مئات الأطنان منه في أسواق نواذيبو و نواكشوط و الزويرات…
وسبق أن اختفى مبلغ 9 ملايين يورو، مسلمة لعصابة “بوليساريو” من طرف الاتحاد الأوروبي لفائدة ساكنة مخيمات تندوف، وتساءل الصحراويون المحتجزون بالمخيمات عن مصير هذه الأموال، وطريقة وأوجه إنفاقها، وتبادل سكان المخيمات رسائل ومقاطع تتناول الموضوع، وتعلق عليه بسخرية ممزوجة بالمرارة .
9 مليون يورو منحها الاتحاد الاوروبي لساكنة مخيمات تندوف، حسب ما نشره الموقع الصحراوي منتدى “فورساتين” لدعم مبادرة الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، ليصبح المبلغ الذي تصرفت فيه جبهة البوليساريو 286 مليون يورو منحها فقط الاتحاد الاوروبي دون الحديث عن المنح الأخرى ، وكل المنح لا أثر لها بمخيمات ، فأين تذهب المساعدات المالية ؟
وقد دأب الاتحاد الاوروبي على تقديم مساعدات مالية سنوية ، منذ سنة 1993، وبعملية حسابية بسيطة يتبين أن مؤسسة الهلال الأحمر التي تتلقى تلك المساعدات ، قد تلقت ما مجموعه 286 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي لوحده، دون الحديث عن المؤسسات الدولية الأخرى ، وقد سبق وتحدثنا عن مؤسسة الهلال الأحمر ، باعتبارها مؤسسة لتبييض الأموال وتسهيل استغلالها من طرف القيادة ، وتحدثنا عن طرق التوصل بها، وسبل إنفاقها بالخارج، دون حسيب ولا رقيب.
مساهمة الاتحاد الأوربي التي تتلقاها جبهة البوليساريو الانفصالية من طرف جمعيات المجتمع المدني الأوروبي، والمساعدات المادية والعينية التي تصل للمخيمات، تختفي في غضون أيام قليلة بعد وصولها، إضافة إلى منحة خاصة بجائحة كورونا تلقتها جبهة البوليساريو ولم يعرف مصيرها، لينضاف كل ذلك مع مليون يورو خاص بكورونا لمئات السيارات والشاحنات والصهاريج المائية، والحافلات الخاصة بنقل الأطفال، حيث تقوم القيادة بصباغة الشاحنات وطلائها بالأخضر أو الأصفر وتوجهها للنواحي العسكرية.
وحسب نفس الموقع، تخصص الصهاريج لقطعان الابل الخاصة بالقيادة فيما توجه الأجهزة الطبية والمعدات بجميع أنواعها الى البيع في الأسواق الخارجية في وقت يعاني المحتجزون الصحراويون من مشاكل جمة في جميع القطاعات، وتستفحل في فصل الصيف، حيث العطش وانعدام المياه ونقص المواد الغذائية والطبية، فأين تذهب كل الأموال التي تمنح للساكنة؟، الجواب في حسابات القيادة ، وفي عقاراتها المتفرقة بدول الجوار، وقطعان المواشي والابل ، والرحلات السياحية والطائرات الخاصة ، كل ذلك يتم بواسطة مؤسسة الهلال الأحمر التي تسهل كل تزوير واختلاس وسرقة .
وكانت مصادر إعلامية، وبرلمانية في العاصمة الأوربية، قد كشفت خلال الأسابيع الأخيرة، أن الاتجار واسع النطاق يتواصل على الرغم من الضمانات، التي أقرتها المفوضية الأوربية.
واعتبر ستيفان رودريغز، أحد المحامين، الذين كشفوا لأول مرة عام 2015 عن محتوى تقرير المكتب الأوربي لمكافحة الغش أن “التحويل سيستمر، على الرغم من كل الضمانات، التي يمكن أن تقدمها المفوضية الأوربية، طالما لم يتم إحصاء المستفيدين من هذه المساعدات “.
وأوضح المحامي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المساعدات الأوربية الموجهة إلى السكان المحتجزين في تندوف، تمنح على أساس أرقام كاذبة، الأمر الذي يحفز هذا الاختلاس.
يذكر أن تقرير المكتب الأوربي لمكافحة الغش، يوضح بالتفصيل كيف أن الهلال الأحمر الجزائري هو الفاعل الأول في عملية تحويل المساعدات، التي تفرغ أولا في ميناء وهران، قبل وقوعها في أيدي مهربي “لبوليساريو “، الذين يستغلون هذه الغنيمة المالية للحصول على الأسلحة، لكن وقبل كل شيء، اقتناء أملاك عقارية خاصة في إسبانيا.
وكان تحوير المساعدات، قد أشعل فتيل الاحتجاجات داخل مخيمات الجبهة الانفصالية، قبل أن تحاول قيادتها مداراة غضب المحتجزين بعض التصريحات، بعدما انكشف اختفاء عدد من الشاحنات، التي كانت موجهة إلى مساعدة المحتجزين، كما كشف تحويل المساعدات المجانية نحو البيع.
واستنكر الوفد المغربي، المشارك في الدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان، الخميس 24 يونيو 2021، بأشد العبارات، التصرفات المؤسفة للنظام الجزائري وجشعه، لا سيما اختلاس المساعدات الإنسانية الموجهة إلى مخيمات تندوف.
وفي إطار الحوار التفاعلي مع الخبير المستقل المعني بالتضامن الدولي، في إطار الدورة ال 47 للمجلس، أكد الوفد المغربي، في تصريح له، على مسؤولية النظام الجزائري في اختلاس المساعدات الإنسانية التي تصل إلى 105 ملايين أورو بين سنتي 1994 و2004، منحها الاتحاد الأوروبي لساكنة مخيمات تندوف، وتم توثيقه من قبل الهيئات المختصة.
وسجل الوفد المغربي أنه “من المؤسف أن دولة كالجزائر تقدم، بدافع الجشع، على فرض ضريبة بنسبة 5 في المئة على هذه المساعدات”، مشددا على أن المملكة تدعو إلى فرض عملية تدقيق على استخدام المساعدات الإنسانية المقدمة، وتسجيل ساكنة مخيمات تندوف في الجزائر، كما يوصي بذلك مجلس الأمن ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والبرلمان الأوروبي، الأمر الذي يرفضه النظام الجزائري لأسباب سياسية بحتة، في انتهاك للقانون الإنساني الدولي.
ولفت المصدر ذاته إلى أن “الأخطر من ذلك بكثير، أن هذه الساكنة المعزولة، التي ترزح تحت سيطرة القوات الجزائرية منذ أزيد من 45 عاما، تخضع للمراقبة وتجنيد الميليشيات الانفصالية، المدججة بأسلحة من جميع الأنواع، بما في ذلك الصواريخ والمدرعات، والترسانات المقدمة مباشرة من قبل السلطات الجزائرية، على مرأى ومسمع العالم”.
كما انتهز الوفد المغربي فرصة هذا الحوار مع الخبير المستقل المعني بالتضامن الدولي، لفضح تحركات ومناورات النظام الجزائري ضد الوحدة الترابية للمغرب.
وتساءل “عن أي تضامن نتحدث عندما تتم تعبئة ملايير الدولارات لعقود لمعاكسة الوحدة الترابية لدولة جارة ؟ هل يوجد هناك مفهوم لتضامن مقرون باعتداء ؟ مبرزا أن “مثل هذه الأسئلة تُطرح على الطغمة العسكرية المسؤولة عن هذه الانتهاكات الصارخة للقانون الإنساني الدولي، وبالتالي لحقوق الإنسان التي يسعى مجلسنا للنهوض بها”.
ولدى تفنيده لمزاعم ممثل الجزائر، أكد الوفد المغربي أن “الصحراء المغربية تمثل اليوم ملاذا للتضامن والسلام والتنمية الاقتصادية”.
واعتبر أنه “يتعين على حكام الجزائر الاستلهام من هذا المجهود التنموي إذا كانت لديهم أدنى رغبة في تلبية الاحتياجات الملحة لمواطنيهم، الذين يتظاهرون بالملايين منذ ما يفوق السنتين، ينددون بالحكم الكارثي لبلدهم، الذي يوظف، عبثا، الوسائل المالية والدبلوماسية للدعاية وإلحاق الضرر بالمغرب”.
وسبق أن أكد الوفد المغربي المشارك في الاجتماع الـ 78 للجنة الدائمة لبرنامج المفوض السامي، الأربعاء 8 يوليوز 2020، أن الجزائر، برفضها المتعنت السماح بإحصاء ساكنة مخيمات تندوف المتواجدة على أراضيها، في تحد لجميع القرارات الدولية، وتواطؤها مع ميليشيات “البوليساريو”، مسؤولة بشكل كامل عن تحويل المساعدات الإنسانية الموجهة إلى المخيمات المذكورة.
وقال نائب الممثل الدائم للبعثة الدبلوماسية للمغرب بجنيف، عبد الله بوتادغارت، الذي تحدث في إطار “النقطة المتعلقة بالعودة الطوعية”، “إن مفتاح تحويل المساعدات الإنسانية يكمن في اللبس المتعمد الذي يحيط بعدد الأشخاص في مخيمات تندوف”، وهو معطى أكده مرة أخرى قبل أيام قليلة، مسؤول كبير في المفوضية الأوروبية، والذي أثار “شكوكا حول الأرقام الحقيقية في هذه المناطق التي يتعذر الوصول إليها”.
وأضاف “أن الدولة المضيفة متواطئة في هذا الاحتيال، لأنها تفرض ضرائب على هذه المساعدات تصل نسبتها إلى 10 في المائة، بما يتعارض مع المعايير والممارسات الإنسانية”.
ونتيجة لذلك، “تظل المخيمات بمثابة أصول تجارية وبيادق سياسية، حيث يتم استغلال وجودها لجلب المساعدات الإنسانية، التي يتم تحويلها لمراكمة ثروات شخصية والحفاظ على ترسانة عسكرية، تضم دبابات ثقيلة وصواريخ أرض-جو”.
من جهته، دعا مندوب المغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال، المجتمع الدولي إلى أن يطالب دولة الجزائر بوضع حد لإرسال أطفال تندوف إلى معسكرات التدريب العسكري، وتمكينهم من الالتحاق بالمدارس التي تمولها اليونيسف والمنظمات غير الحكومية الدولية في مخيمات تندوف.
وأشار في هذا الإطار إلى القرار المعتمد من طرف مجلس الأمن حول حماية التعليم في أوقات النزاع، الذي يدين بشدة تجنيد وتسخير الأطفال في النزاعات، ودعا الدول إلى وضع حد لهذه الممارسات وضمان الحماية والمساعدة الضروريتين للأطفال، بما في ذلك في مخيمات اللاجئين.
وشدد المسؤول المغربي على أن “الجزائر تواصل حرمان سكان مخيمات تندوف من حقهم في الاحصاء، وبالتالي حرمانهم من الحماية التي يوفرها لهم القانون الإنساني الدولي”.
وأكد أن “هذا الحرمان من التسجيل يسهل تحويل المساعدات الإنسانية الموجهة إلى هؤلاء السكان من أجل الإثراء الشخصي لقادة البوليساريو ومسؤولين جزائريين، كما أشار تقرير الأمين العام الأخير في أكتوبر الماضي”.