بقلم ذ. خليل غول
الاستحقاقات الانتخابية وجه من وجوه الديمقراطية التي تتيح للمواطن أن يساهم في تدبير الشان العام، وذلك عن طريق منتخبيه، أي الأشخاص الذين سيختارهم بنفسه وبإرادته ليمثلوه ويعبروا عن طموحاته، ويطرحوا قضاياه المجالية والترابية… على موائد القرار، ليتم تأهيل دائرته، مدينته، إقليمه، جهته، أو الوطن ككل. يعني أن من امنحه صوتي ينبغي أن يكون في مستوى المسؤولية: الكفاءة الثقافية والفكرية والوعي السياسي، والدراية بأصول القانون، والقدرة على الحوار والمناقشة، إن لم أقل الإقناع. هذا إلى جانب سمو أخلاقه وتقديره للمسؤولية الملقاة على عاتقه سياسيا، أخلاقيا ودينيا، وبالتالي، لا يبحث عن أي شيء عدا الدفاع عن حقوق ومصالح من انتخبوه، أي من يتطوع كخدوم للآخرين ليكون هو صوتهم وضميرهم في أي مكتب أو مجلس، وبالتالي، عليه أن يحرص أيضا ً على التواصل التام بالساكنة التي انتخبته، طوال فترة ولايته، ليسمع دائما إلى قضاياها وهمومها، بل ويأخذ بيدها في حالات قد تستدعي حضوره إلى جانبها كداعم ومساند، وليقدم الخدمات التي يجب أن تقدم لهذا المواطن أو هاته المجموعة!
الانتخابات ليست “بنديراً” ولا تهريجاً ولا رقصاً، ولا موالاة أو قرابات أو خجل من هذا أو ذاك، ولا تبعية عمياء. هي اختيار مسؤول، تشهد فيه على نفسك بنزاهة وكفاءة هذا الشخص، دون غيره. شهادة أمام الله بإيمان متقد وضمير حي، وأمام الوطن وأمام الجميع… شهادة حق في شخص مؤهل بمختلف الشروط التي تجعله أهلا لتمثيل الجماعة بجدارة واستحقاق، من مختلف مواقعها…
الصوت إذن لا ينبغي أن يكون شهادة زور، ولا يخضع لأي ضغط كيفما مصدره، ولا محاباة عدا ما يمليه عليك الضمير الأخلاقي المنبعث من إيمانك أولا وقبل كل شيء، وبحبك لوسطك ووطنك والمصلحة العامة.
العملية جدية إذن، لا ينبغي أن يتم استصغارها، أو تترك للعابثين لا يقدرون حجمها…
هي شهادة سيحاسبنا ضميرنا الجمعي عنها، سيحاسبنا عنها المستقبل والتاريخ والوطنية الحقة…
ليكون الجميع في قمة الوعي والمسؤولية، لا نباع ولا تشترى، لأن ضمائرنا لا تقدر بثمن.
لنتجنب الولاء والنفاق، والتبعية العمياء والقرابات السلبية، ونقول كلمة حق للصندوق. أدلي بصوتي بقناعة وإرادة طاهرة خالصة وصادقة، بشجاعة وباستقلال عن أي ضغط أو إكراه من أي كان وكيفما كان، لأمارس حقا لي مخوّلا لي أنا كفرد، وكإرادة حرة، كمواطن، يمنحني إياه القانون. يمكن أن يكون لصوتي الدور الكبير في نتائج الاستحقاق، ويغير موازين كان من المحتمل أن تقع.
قراري واختياري لا احد يصادره مني أو يملى علي من أي طرف (هذا احتقار واستصغار للفرد)، عدا ما يمليه علي الواجب الأخلاقي والوطني، في أسمى صوره، إلى جانب الاعتزاز بكرامتي، واختياري الحر النابع من إرادتي الطموحة والنزيهة…
إن سوء الاختيار، والعبث بالعملية الانتخابية، هو حِكٓم على تعطيل المسار المنشود، وضربة موجعة، لوضع القطار على السكة، وضبابية أمام الغد الذي نرومه جميعاً.
بأخلاقنا نحقق الغد الذي ننتظره جميعاً.
