عبد القادر كتــرة
ساعات قليلة من الأمطار الغزيرة كانت كافية لتغرق مجموعة أحياء مدينة السعيدية، وتحولها إلى بِرَكٍ مائية كبيرة أوقتها وشوارعها إلى وديان، وسط حالة من الغضب واحتجاجات قوية من الساكنة، بعد أن امتلأت الأزقة والشوارع في العديد من الأحياء بالمياه التي عجزت قنوات الصرف الصحي عن تصريف مياه الأمطار، تسبب في إدخال الفزع والقلق على بعض الساكنة التي تخوّفت من اقتحام المياه لبعض المنازل…
أمام هذا الوضع المُقْلق بسبب ضعف البنية التحتية المرتبطة بقنوات الصرف الصحي بالمدينة، طالب سكان المدينة بإلحاح كبير تدخلا عاجلا من طرف المسؤولين لحل هذا المشكل الذي أصبح يتكرر كلما هطلت الأمطار، ومنحَتْ سُمعة سيئة للجوهرة الزرقاء وشوَّهتْ صورتها السياحية، ونحن على مقربة من فصل الصيف الذي تستقبل فيه المدينة ضيوفها .
أحد الساكنة الغاضبين الناقمين على مجلس الجماعة الحضرية لمدينة السعيدية التقط صورا، صباح يوم الخميس 17 مارس 2022، لبعض الشوارع والأزقة التي حولتها الأمطار إلى بِركٍ من المياه ما يكفي لقطعها وعرقلة تحركات المواطنين، في غياب تدخل استباقي وسريع للمسؤولين عن الشأن المحلي لتنظيف قنوات الصرف الصحي والبالوعات، والاستعداد لأي طارئ يتعلق بالأحوال الجوية والكوارث الطبيعية.
من جهة أخرى، لا بدّ للمجلس الجماعي للجوهرة الزرقاء أن يلتفت إلى أرضية بعض الأزقة والطرقات والشوارع التي تآكلت قشرة الإسفلت الفوقية وسمحت للأمطار بتدمير الطريق بأكمله عبر خلقِ حُفر تتَسِع أكثر فأكثر كلما نزلت الأمطار وكثرت حركة المركبات، وهو الوضع الذي يفرض إعادة ترميم السطح الطرقات بتعبيدها.
من جهة ثانية، وضعية سوق السمك في وضعية كارثية بسبب مجاري الصرف التي تنبعث منه روائح كريهة مُزْكِمة للأنوف، بمجرد دخول المواطن المُتبِّضع له، إذ تحوَّل هذا المرفق الحيوي إلى مستنقع من المياه الراكدة المملوءة بالأوساخ يجلب الحشرات والحيوانات التي تقتات من بقايا الأسماك، بامتياز أمام مرأى أعضاء المجلس والسلطات المنتخبة والمحلية ولا أحد فكَّر في صيانة هذا السوق الذي يعرف رواجا مهما في العطلة الصيفية.
لا بدّ من الإشارة إلى أن مدينة السعيدية الشاطئية أو “الجوهرة الزرقاء” تعززت، خلال سنة 2014، بمجموعة من المشاريع التي غيَّرت وجهها وزادتها رونقا وجمالا، انسجاما مع مشهدها العمراني وتوسعها الحضري وتهدف إلى الرفع من جاذبيتها السياحية، ضمن استراتيجية متكاملة، لضمان العيش الكريم وبيئة سليمة محمية من أي مصدر للتلوث، وبلوغ تنمية مستدامة.
10 مشاريع، بلغت كلفتها أكثر من 50 مليون درهم تشمل مشاريع أشغال إصلاح الطرقات ب28.6 درهم بما فيها مصاريف مكتب الدراسة، ومشروع تكثيف الكهربة بشارع يوسف ابن تاشفين ب830 ألف درهم، ومشروع الكهربة بالطاقة الشمسية ب2.7 درهم، ومشروع شراء آليات العمل لمواكبة إصلاع الكهربة العمومية ب250 ألف درهم، ومشروع زيادة قنوات الواد الحار ب 265 ألف درهم.
لمحاربة الحشرات نتيجة ارتفاع درجة الحرارة بالسعيدية خلال فصل الصيف، تم اقتناء حاملة مجهزة تعمل على رش المبيدات بمختلف مناطق المدينة وذلك بمبلغ 579 ألف درهم، وشراء الأدوية لمحاربة الناموس ب حوالي 217 ألف درهم.
تهيئة المساحات الخضراء خصص لها أزيد من ب242 ألف درهم، فيما كلف مشروع توسيع شبكة التطهير السائل والصرف الصحي ب370 ألف، بالإضافة إلى مشروع تعزيز المدينة بإشارات التشوير ب532 ألف درهم.
بطاقة تقنية لمدينة السعيدية
تستقبل مدينة السعيدية الشاطئية، صيف كل سنة، ما يناهز 800 ألف مصطاف خلال شهري يوليوز وغشت، وحوالي 200 ألف سيارة خلال الأسبوع الواحد، وهي أرقام مرشحة للارتفاع كل سنة. ويحج إلى هذا الشاطئ الجميل ذي الرمال الذهبية مصطافون من جميع شرائح الجهة الشرقية ومن مدن عديدة من جميع أرجاء الوطن، يملؤون مخيمات المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية إضافة إلى المخيمات الخاصة. ومن جهة أخرى، يستغل عمالنا في المهجر عودتهم إلى أرض الوطن في قضاء عطلتهم الصيفية بمدينة السعيدية، سواء أولائك الذين يتوفرون على منازل أو الذين يكترون بعضها، فيما غالبيتهم يفضلون التنقل بين السعيدية والمدن المجاورة بالجهة الشرقية هروبا من الغلاء الفاحش الذي تعرفه جميع المجالات.
وتعتبر مدينة السعيدية، التي يطلق عليها اسم “الجوهرة الزرقاء”، من أجمل شواطئ البحر الأبيض المتوسط ويبلغ عدد سكانها حوالي 8 آلاف نسمة، كما يقطن بها 77 من الأجانب يمثلون نسبة 2,3%. وتغطي “الجوهرة الزرقاء” ما يناهز 4 كيلومترات مربعة بكثافة سكانية تفوق 908 نسمة في كل كلم مربع (بالنسبة للساكنة القارة). وتقع بالنقطة المحاذية للحدود المغربية الجزائرية على الشريط الساحلي للبحر الأبيض المتوسط، وتبعد عن مدينة وجدة من جهة الجنوب الشرقي بحوالي 60 كلم وعن مدينة بركان ب 25 كلم و24 كلم عن أحفير و114 عن مدينة الناظور و168 عن مدينة تاوريرت.
ويمتد شاطئها ذو الرمال الذهبية على طول 20 كلم بعمق ما بين 30 و50 مترا. وتتراوح درجات حرارتها الدنيا ما بين 1 درجة شتاء و17 درجة فوق الصفر صيفا، أما العليا فتتراوح مابين 15 شتاء و30 درجة صيفا. أما معدل الأمطار فتسجل السنة 30 ميليمترا تقريبا. وتتوفر المدينة على مدرسة فندقية تستقبل عشرات الطلبة المتدربين لتعلم فنون الفندقة من الاستقبال إلى الطبخ، يتابعون دراستهم خلال سنتين كاملتين يوجهون بعدها إلى سوق الشغل وعلى رأسها المحطة السياحية فاديسا.
وتتوفر المدينة على عدد من المخيمات بطاقة إيوائية تصل إلى 15 ألف شخص. ويوجد بها قصر المهرجان الذي يحتضن سهرات دورات المهرجان الذي يعرف هذه السنة نسخته التاسعة والعشرين، وأصبح من التظاهرات الوطنية المصنفة ويحمل اسما جديدا وهو “مهرجان الركادة” لاعتماده على الأغنية الشعبية المحلية والفلكلور، بمشاركة أعلام موسيقى الراي العالميين ونجوم الأغنية الوطنية، كما لم يعد يقتصر على الغناء فقط، بل أصبح يشمل أنشطة مهمة أخرى في مقدمتها ماراطون الجبال بتافوغالت بجبال بني يزناسن، مع الإشارة إلى أن هذه الأنشطة توقفت خلال السنتين الماضيتين منذ ظهور جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19”.