عبد العزيز داودي
لا شك أن الرواج التجاري والاقتصادي بالجهة الشرقية يعيش أسوأ أيامه، ولم تكن التبعات الاقتصادية لجائحة كورونا إلا بمثابة القشرة التي قصمت ظهر البعير، وبالتالي سقطت آخر ورقة توت كانت تستر الواجهة الاقتصادية للجهة الشرقية، والتي لا أحد ينكر أنها تأثرت كثيرا بإغلاق الحدود، وبالتضييق على التهريب المعيشي، شمالا وشرقا وجنوبا، ومع ذلك لم يحرك المسؤولون المحليون ولا المنتخبون ساكنا، بل أكيد أنهم كانوا بمثابة الدينامو أو الكتاليزور لإيصال الساكنة إلى بر الهلاك، على اعتبار أنهم ورغم التنبيهات المتكررة الواردة في تقارير المندوبية السامية للتخطيط، والتي سجلت أن الجهة الشرقية حطمت كل الأرقام القياسية في عدد العاطلين عن العمل لتجاوزها سقف 18%، وفي تقارير المجلس الجهوي للحسابات الذي رصد هو الآخر تقاريره بخصوص تبديد المال العام وإهدار العديد من الموارد المالية للجماعات الترابية، ومع ذلك لا يستحيي مسؤولونا بالقول إن مدينة وجدة “ازيانت”، والتبجح بفتوحاتهم وإنجازاتهم الدونكيشوطية.
ونظرة بسيطة لأسواق مدينة وجدة وعلى محاورها الطرقية ومرافقها العامة، تبين حجم الأزمة، إذ يكاد يعتقد المرء في بعض الأحيان أن مدينة وجدة مثلا مهجورة كليا، حيث إن وسائل النقل العمومية، من سيارات الأجرة وحافلات نقل المسافرين عبر الطرق، وحتى القطار القادم من الدار البيضاء، ما إن يصل إلى مدينة تازة حتى يلاحظ ندرة المتجهين إلى مدينة وجدة، اللهم في أيام العطل والأعياد، والتي طبعا هي معدودة على رؤوس الأصابع.
ونفس الشيء ينطبق على محطات وقوف سيارات الأجرة الكبيرة، حيث يضطر المهنيون للمكوث ثلاثة أو أربعة أيام في انتظار دورهم للذهاب إلى مدينة الناظور مثلا. وحتى الأسواق الأسبوعية لم تعد تعرف ذلك الرواج المعهود. فأي وصفة أعدها المترشحون للانتخابات الجماعية والبرلمانية لإخراج الجهة من براثن الركود التجاري والاقتصادي؟ هل للأحزاب السياسية برامج واضحة من شأنها وضع حد لمآسي المواطنات والمواطنين، والذين دفعتهم الحاجة لأن يكونوا لقمة سائغة لحيتان البحر بعد أن أفقرتهم حيتان البر. بل أكثر من ذلك هناك من النساء من تخلصن من فلذات أكبادهن بعد أن رمين بهم في البحر، لا لشيء إلا لكون “الفقر كاد أن يكون كفرا”…
مقابل هذا اغتنى عدد من المنتخبين حد التخمة، وتلاعب العديد منهم في الصفقات العمومية، وفوتت أملاك الجماعة بأثمان بخسة، معتمدة على الزبونية والمحسوبية وما يدفع تحت الطاولة أو على “عينيك ا بنعدي”، في غياب للتأويل الديمقراطي لمبدأ ربط المسؤولية بالمساءلة، وفي غياب قانون يجرم الإثراء غير المشروع، ويفرض ضريبة على الثروات، لتكون النتيجة تكريس اليأس والقنوط لدى ساكني الجهة الشرقية، وعدم ثقتهم بمؤسسات الدولة.
ويبقى لزاما على مكونات المجتمع المدني أن تناضل من أجل منع المفسدين من الترشح للانتخابات عبر إدانة الأحزاب السياسية التي لا يهمها سوى ما ستكسبه من مقاعد، بغض عن النظر عن الشخص وما إن كانت أياديه نظيفة أم متسخة بالمال المشبوه.
قد لا تتكرر الفرص مرارا لكن نحن أمام فرصة تاريخية يستحسن أن نحسن استغلالها قبل فوات الأوان…