نور الدين زاوش
من المثير للدهشة أن يطل علينا عبر تقنية الفيديو خالد مشعل، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، والذي استضافته حركة التوحيد والإصلاح قبل أيام، ليخاطب مباشرة الشعب المغربي الأبي، ويحرضه على الضغط على قياداته من أجل ثنيها عن قراراتها السيادية الخاضعة تحت سلطتها قانونا وشرعا، والمتمثلة أساسا في تحديد ماهية العلاقة بين المغرب وإسرائيل.
صحيح، إن دولة إسرائيل راعية للإرهاب العالمي، وغاصبة لأرض لا حق لها فيها، وقاتلة للأطفال والنساء والشيوخ بدون وازع قانوني أو أخلاقي أو حتى إنساني، لكن العلاقات بين الدول لا تنبني على مفهوم الخيرية؛ بحيث من كانت منها تتمتع بمنسوب خيرية أكبر أقمنا معها علاقات أوطد، والعكس بالعكس؛ بل تنبني على المصلحة الصِّرفة التي يمكن للدول جنيها من خلال هذه العلاقات بغض الطرف عن طبيعة هذه البلدان.
لقد صرَّح السيد “رجب أردوغان”، بملء فيه وأمام العلن، بأنه لن يقطع العلاقات مع دولة إسرائيل، دون أن يكون لعاشقه خالد مشعل أي انتقاد له أو تجريح أو حتى مجرد تعليق؛ وإذا كانت العرب قديما قالت عن حب الشيء أنه يعمي ويصم، فما بالك بمن يراه “الإخوان المسلمون” ومن نحى منحاهم، على أنه خليفة المسلمين الذي لا يشق له غبار ولا يعصى له أمر، حتى ولو كانت معاهداته العسكرية والحربية، واتفاقاته التجارية والصناعية مع إسرائيل فاقت كل الأرقام، وشملت كل الميادين؛ بل ولم تتوقف حتى في عهد العدوان على غزة.
إن ما أعيبه على السيد مشعل أمران لا ثالث لهما؛ أولاهما أنه لا يكيل بالقسطاس المستقيم؛ فرغم أن قطر تتوفر على قاعدين عسكريتين، ومنها يتم إبادة الشعب الفلسطيني إلى اليوم؛ إلا أنه لم ينبز ببنت شفة، لا تلميحا ولا تصريحا، وثانيهما أنه يجهل جهلا مدقعا بطبيعة علاقة الشعب المغربي بجلالة الملك حفظه الله، والتي تعتبر أساس القوة التي يتميز بها المغرب دون باقي دول العالم.
من المفيد أن يعلم السيد خالد مشعل وغيره، أن الشعب المغربي يقف خلف جلالة الملك وهو معصب العينين، واثقا في قراراته المصيرية النابعة من العلم والحكمة، ومطيعا لأمره المصون، وإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام قد أمرنا بالسمع والطاعة لولي الأمر حتى ولو كان عبدا حبشيا؛ فما بالك بسبط رسول الله عليه أتم الصلاة وأزكى التسليم.