عبد القادر كتــرة
مرَّة أخرى، يُسِّجل النظام العسكري الجزائري جريمة أخرى في حقّ الأطفال قبل الكبار، حيث أمر قاضي التحقيق لمحكمة باب الواد بالعاصمة الجزائرية، بوضع الشاب القاصر رحيم عطاف، علا يتجاوز عمره 16 سنة، رهن الحبس الاحتياطي بالمؤسسة العقابية سعيد عبيد بولاية البويرة.
واعتقل الشاب القاصر رحيم عطاف قد اعتقل الجمعة الماضية بحي باب الواد، الجمعة الماضية، وتمّ تقديمه أمام وكيل الجمهورية لذات المحكمة الذي أحال ملفه على قاضي التحقيق، بعد مواجهته بتهم متعلقة بنشاطه في الحراك الشعبي.
ويبدو أن النظام العسكري الجزائري قد فَقَدَ كل مقومات البقاء الإنسانية، إذ سبق له وفي خطوة غريبة وقمعية رهيبة ومرعبة، أن أصدرت محكمة برج بوعريريج الجزائرية، بداية هذه لسنة ، حكمها على المعاق الحركي (100 في المائة) سيف الدين بن شلوش بستة (06) أشهر سجنا نافذا و20000 دينار جزائري بتهمة المشاركة في الحراك.
المعاق سيف الدين بن شلوش ابن مدينة برج بوعريريج تم اعتقاله في الجمعة 81 لحراكه وقامت الشرطة البوليسية بكسر يده قبل اقتياده للكوميسارية لتحرير محاضر بتهم ملفقة، كما تم متابعته في حالة سراح قبل استدعاء قي ماي الماضي.
وسبق لمحكمة عنابة بالجزائر أن استدعت الطفلة “سيرين زرفة” ذات ال14 سنة لمحاكمتها خلال دجنبر الماضي، بتهمة مشاركتها، بتاريخ 25 شتنبر 2020 ، رفقة والديها في تجمع بمدينة عنابة، وهي الطفلة التي تنضاف إلى ضحايا النظام العسكري الجزائري المستبد، من جميع الأعمار والأجناس، من العجوز إلى الطفل، أذاقهم تنكيلا وتعذيبا واغتصابا واعتقالا ومحاكمة بجميع أنواع التهم، من التجمهر والتظاهر إلى الإرهاب.
محاكمة جلبت لهذا النظام التنديد الواسع والاستنكار الدولي من جميع المنظمات والجمعيات العالمية المدافعة على حقوق الانسان بمن فيهم الأطفال، بعد أن تناقلت وسائل الإعلام والقنوات الإخبارية والمواقع الإلكترونية والجرائد العالمية (إلا الجزائرية) خبر محاكمة الطفلة الجزائرية التي تدعى سيرين زرفة وتبلغ 14 عاما، بتهمة “التجمهر غير المسلح” على خلفية وقائع مرتبطة بالحراك الاحتجاجي، وفق ما أفاد الخميس 24 دجنبر 2021، محاميها عبد الحليم خير الدين ومنظمة غير حكومية، حيث تمثل مع عشرين شخصا آخر أمام محكمة عنابة شرق البلاد.
وتابع المحامي محتجا “إنها سابقة خطرة لأننا نحاكم طفلة تبلغ 14 عاما على خلفية وقائع سياسية”، ووالد الطفلة في السجن منذ ثمانية أشهر، وهو متهم بحسب بالانتماء إلى منظمة “رشاد” الإسلامية المحافظة التي تصنفها الجزائر حركة “إرهابية”.
من جهته، قال نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، سعيد صالحي، إن “هذه سابقة. تجاوزت السلطات عتبة جديدة في تصعيد القمع، حتى الأطفال لم يسلموا”، مضيفا “هذا تنكيل بالعائلة بأكملها، السلطة تريد تثبيط الجزائريين ودفعهم للتخلي عن حقوقهم ونضالهم”.
وأعرب الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر عن غضبهم واستيائهم عقب تقارير وطالب بعض النشطاء بإطلاق الطفلة سيرين معتبرين ما حدث تجاوزا على حقوق الإنسان.
وفي تغريدة أخرى، قال مدون آخر أن سيرين سوف تحاكم في 29 دجنبر الحالي، في قسم الجنح لمحكمة عنابة، قائلا: “إن السلطات لم تراع الطفولة فكيف سوف تحترم حقوق الإنسان”.
وعلق آخر “بقسم الجنح لمظلمة عنابة، القاصر سيرين التي لا يتعدى عمرها 14سنة بتهمة التجمهر الغير مسلح، ثم يطل علينا كانيش المرادية لزهاري ليقول: إنه لا توجد أدلة الاعتداء على حقوق الانسان، ان لم تحترموا الطفولة فما بالك بالإنسان”.
وعلق المناضل الجزائري المعرف كريم مولاي :”من أبكى الناس ظلما أبكاه الله قهرا ، غدا محاكمة سيرين زرفة بنت قاصر 14 سنة بجنحة التجمهر الغير مسلح، الظلم ظلمات يا بتوع حقوق الإنسان “.
وسبق أن تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي والتراسل الفوري، فيديو لطفل جزائري لا يتجاوز عمره 15 سنة، تحت صدمة نفسية لا توصف بعد أن قام عناصر الشرطة الجزائرية، السبت 3 أبريل2021، بعد اعتقاله من وسط مظاهرة في المسيرة 111 للحراك الشعبي.
السياسي شوقي بن زهرة صرح قائلا: “الوضع صار لا يحتمل السكوت والنظام ينتقل رسميا لإرهاب الدولة، بعد اغتصاب مراهق في سن 15 سنة المدعو “سعيد شتوان”.
وأضاف شوقي بن زهرة، أن سعيد القاصر تم اعتقاله في المسيرة التصعيدية يوم السبت بالعاصمة، حيث صرح مباشرة بعد خروجه من مركز الشرطة “كافينياك” :”دارولي لحرام”، مضيفا أن المراهق استحيى أن يذكر ما حدث له أمام والدته وهو تحت صدمة نفسية”.
وتابع شوقي بن زهرة، “صار الاغتصاب والاعتداء الجنسي سلاح لدى نظام الجنرالات للترهيب، ونحن بحق أمام إرهاب دولة”.
هذه الجريمة في حقّ الطفولة الجزائرية تأتي بعد جريمة اعتقال طفل في سن الخامسة أو السادسة من عمره، وتم تداول صورته وهو محتجز داخل سيارة مصفحة للشرطة الجزائرية، وهو متوشح بالعلم الجزائري، بعد إيقافه خلال مسيرات الجمعة 108 من الحراك الشعبي الجزائري (2021.03.12)، والذي شهد صدامات في عدة مناطق من البلاد بين الشرطة والمحتجين.
صورة الطفل الجزائري تسببت في غليان شعبي بالعاصمة، حيث أطلق النشطاء ليلة الجمعة نداءات إلى كل الشعب الجزائري، من أجل الخروج عن بكرتهم واجتياح الشوارع والساحات في مسيرات باتجاه مبنى وزارة الداخلية، احتجاجا على اعتقال الطفل وأيضا على ظروف تصويره من طرف رجال الأمن لإرهاب الآباء وتخويف النشء من المشاركة في الحراك والتعبير عن رأيه.
استنكر النشطاء الحقوقيون في الجزائر هذه الأفعال الشنيعة والغير أخلاقية من النظام العسكري الجزائري، وأضافوا أن الشرطة الجزائرية لها تاريخ من الخرق السافر لحقوق الإنسان تجاه المستضعفين في البلاد من الأطفال والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة…، حسب أحد المواقع الجزائرية المعارضة، كما صرحوا أنهم “يتوفرون على ملفات مخجلة وبحجم الجبال في هذا الشأن، وسبق أن راسلوا عدة منظمات دولية للتدخل ومنع هذه الخروقات ومحاسبة مرتكبيها”.
وقد تناقلت وسائل إعلام دولية صورة الطفل وعلقت عليها بعبارة “أصغر معتقل سياسي جزائري”، في إشارة إلى الحملة التي تقودها السلطات ضد السياسيين والنشطاء الجزائريين الذين يشاركون في الحراك، حسب نفس المصدر، وأضافت وسائل الإعلام الدولية أن السلطات في الجزائر تطلق أحكام البراءة لفائدة تجار المخدرات الصلبة وناهبي المال العام و قتلة العشرية السوداء…، وتتعقب المدونين على جدار الفايسبوك، ومن يرددون الشعارات المسيئة لها في شوارع الجزائر عند كل مسيرة، من أجل المطالبة بالإصلاحات وإسقاط “العصابة”.
كما سجل جنرالات النظام العسكري الجزائري بثكنة بن عكنون، خلال هذه السنة، خطوة غريبة وغير مسبوقة في تاريخ الإنسانية والدول، أصدرت السلطات الجزائرية قرارا بمنع بيع الزيت “منعا باتا” للأطفال والقاصرين مبررة قرارها التافه بتوجيه تهمة ملفقة للمضاربين بـ”استغلال الأطفال القصّر” لـ”إفراغ السوق من مادة الزيت”، الأمر الذي يدعو إلى السحرية والتهكم ، في الوقت الذي اعتبره الجزائريون فشل النظام العسكري الجزائري في توفير المواد الغذائية الحيوية.
وصرح وزير الزيت الجزائري كمال رزيق: “منعنا القصّر من اقتناء زيت المائدة، وذلك بعد استغلالهم من قبل أطراف للمضاربة فيه”، مؤكدا على أن قراره يستند على “تحقيقات أمنية ووزارية”.
وأشار وزير التجارة الجزائري إلى “اتخاذ هكذا قرار لم يكن اعتباطياً، فقد سهرت فرق التجارة بالتعاون مع مصالح الدرك والشرطة، منذ شهر تقريباً، على مراقبة السلوكات الاستهلاكية”.
تجريم الأطفال والقاصرين واعتقالهم بتهمة شراء الزيت دون بلوغ سنّ الرشد أثار سخرية مواقع التواصل الاجتماعي الذين اعتبروا بالإجماع القرار غريبا ومضحكا في نفس الوقت باعتباره سابقة ربما في العالم بأسره، كما لو كانت الزيت من الممنوعات على غرار الخمر والمخدرات والزواج والطلاق والإدلاء بشهادة والمشاركة في الانتخابات و…و…
وسبق أن عزل قضاء النظام العسكري الجزائري عن منصبه قاضيا جزائريا شهيرا كان قد أوقف عن العمل منذ دجنبر 2019 بسبب مواقفه المؤيدة للحراك الاحتجاجي.
وإضافة إلى القمع اليومي الذي يستهدف نشطاء الحراك والمعارضين السياسيين والصحافيين، فإن هذه العقوبة التي كانت متوقعة بحق القاضي، تعكس إرادة السلطة في تحييد أي صوت معارض قبل الانتخابات التشريعية المقررة في 12 يونيو.
وإضافة إلى القاضي المعزول ، تم عزل وكيل الجمهورية (المدعي العام) سيد أحمد بلهادي من وظيفته لتعاطفه مع الحراك، وفق وسائل إعلام محليّة.
وقام عدد من النواب البرلمانيين الأوروبيين، من مختلف التيارات السياسية، بمساءلة ممثل الاتحاد الأوروبي السامي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، حول القمع المستمر في الجزائر.
وأكد الموقعون على رسالة وجهت إليه، بمبادرة من النائب الأوروبي الهنغاري أتيلا أرا- كوفاكس، أن تقارير منظمات حكومية دولية وجزائرية تحيل على قمع مستمر للنشطاء السلميين المنتمين إلى الحراك الجزائري، وأن هذه التقارير كشفت عن الكثير من حالات التعذيب ومظاهر التعسف ضد سجناء الرأي، مضيفين أن هذه الحقائق أثارت استياء عاما لدى المواطنين الجزائريين.
وهناك حاليا نحو 300 شخص خلف القضبان في الجزائر على خلفية الحراك الاحتجاجي الذي يهزّ البلاد بشكل متقطع منذ عام 2019، حيث تستند التهم الموجهة لكثير منهم إلى منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي، وفق اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين.