عبد العزيز داودي
تصريح مثير لوزيرة الخارجية الإسبانية بخصوص الأزمة الدبلوماسية التي تمخضت عن استقبال إسبانيا لزعيم الانفصاليين إبراهيم غالي بهوية مزورة بدعوى خضوعه للعلاج، ورغم إلحاح المغرب على وجوب تقديم توضيحات من الجانب الإسباني حول هذا العمل العدائي، إلا أن إسبانيا ربطت قرارها بسيادتها السياسية، واستمرت في عدائها للمصالح المغربية عبر برلمانييها الذين استصدروا قرارا من البرلمان الأوروبي يحمل المغرب مسؤولية توافد المهاجرين جنوب الصحراء والمغاربة على ثغر سبتة المحتلة، ومع ذلك لم يرضخ المغرب لإملاءات العقلية الاستعمارية الإسبانية التي تحن دائما إلى مذهب إيزابيلا، ملكة قشتالة، في استخفافها وإهانتها للشعب المغربي.
وها هي وزيرة الخارجية الإسبانية تصرح لوسائل الإعلام أن إسبانيا مستعدة لمناقشة جميع الحلول التي يطرحها المغرب على طاولة المفاوضات، وأكدت أن الأزمة استمرت أكثر من اللازم، وبالتالي فهي تريد حلها بسرعة.
أكيد طبعا أن تصريح الوزيرة جاء بناء على الخسائر الفادحة التي تكبدها الاقتصاد الإسباني جراء حرمان موانئه وطرقه السيارة ومرافقه العمومية والخاصة من موارد مالية ضخمة، كانت تضخ في خزائنه عبر تغيير وجهات المغاربة المقيمين بالخارج وعبورهم البحر عبر بوابات أخرى.
وتنضاف هذه الخسائر إلى مثيلاتها التي تكبدتها أسواق سبتة ومليلية المحتلتين، واللتين كانتا مصدرا لإنعاش التجارة عبر التهريب المعيشي والواسع النطاق.
وتخشى إسبانيا كذلك أن يوقف المغرب تعاونه الأمني والاستخباراتي مع جاره الشمالي، وما يمثل ذلك من تهديد مباشر للأمن الإسباني، وبالتالي فإن المغرب مطالب أكثر من أي وقت مضى بتعزيز موقفه التفاوضي باعتراف صريح من إسبانيا بمغربية الصحراء، على اعتبار أن إسبانيا كانت قوة استعمارية تتحمل المسؤولية الكاملة في بتر أجزاء عديدة من التراب المغربي وضمها إليها. والعلاقة الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا يجب أن تبنى على الاحترام المتبادل وعلى وحدة وسلامة أراضي البلدين، مع ما يعنيه ذلك من اجتناب الاستفزازات التي تعكر صفو هذه العلاقات، ومن أجل ذلك المغرب مطالب أكثر من أي وقت مضى بتنويع مصادر مبادلاته التجارية، وبعدم الاقتصار على من يعتبرون أنفسهم الشريك الاقتصادي رقم واحد، ولا ينظرون في المغرب إلا ذلك السوق أو تلك البوابة على إفريقيا لتسويق البضائع والمنتجات الأوروبية، وخاصة الإسبانية منها.
هي فرصة يجب أن لا تضيع، وإسبانيا إذا كانت فعلا تسعى إلى الطي النهائي لعدائها التاريخي للمغرب، عليها أن تراجع مواقفها، وأن تكون على دراية بأن مغربا مستقرا من شأنه أن يحد من تأثيرات الجماعات الإرهابية المتطرفة بكافة تلاوينها، وإسبانيا في هذا الشأن ليست بحاجة إلى دروس، لأنها جربت غير ما مرة محاولاتها اليائسة لعزل المغرب عن محيطه الإقليمي والدولي، وكانت النتيجة وبالا، ليس على المغرب، وإنما على إسبانيا.