عبد القادر كتــرة
لا شك أن الانتكاسات المتتالية والصفعات القوية والصدمات المُغيِّبة للوعي التي تلقاها النظام العسكري الجزائري عقب القمم والمؤتمرات والمنتديات والتجمعات الإقليمية والدولية من الأمم المتحدة ومجلس الأمن واللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية وأغلب الدول الشقيقة والصديقة، جعلته (النظام العسكري الجزائري) يفقد الصواب والتحكم في العقل والمنطق ويصاب بعمى البصر والبصيرة، رافضا في نفس الوقت القبول بالأمر الواقع والامتثال لقرارات مجلس الأمن وذلك مع ما يترتب عنه من نتائج وخيمة وعقوبات ثقيلة على الجزائر التي تعاني من أزمات على كلّ الأصعدة وفي جميع المجالات على حافة الإفلاس…
لم يعد أحد يستحمل ترهات وخرافات وهذيان النظام العسكري الجزائري وصنيعته مرتزقة بوليساريو، واستوعب العالم دوافع هذا النظام الذي أهدر أزيد من 1000 دولار في الإنفاق على الجبهة الانفصالية ميلشيات الإرهاب، ماديا وسلاحا ودبلوماسيا وسياسيا، على حساب الشعب الجزائري الذي لم يجد اليوم في الأسواق كيلو بطاطا أو سميد أو عدس او حمص أو لتر زيت أو بيضة أو سمكة سردين أو فخذ دجاج أو دواء أو جرعة أكسيجين أو كأس ماء…دون الحديث عن الملايير التي تمت سرقتها وتهريبها من طرف عصابة الحكام السابقين واللاحقين، منهم من يوجد في السجن..
حلم النظام العسكري الجزائري، تقسيم المملكة المغربية الشريفة وفصل صحرائه الغربية عنه بعد أن حاز صحراءه الشرقية، وفرملة تطوره السريع وتنميته وتحوله إلى قوة إقليمية وقيادة القارة الإفريقية والتعامل نِدًّا لندّ مع الدول المتقدمة، لكن تبخرت أحلامه وتبددت أوهامه، وأصبح همه الوحيد وشغله الشاغل وهدفه الرئيسي معاكسة المغرب ومهاجمته…وبعد نفض العالم يديه من قضية الصحراء المغربية واعترافه بحقوقه عليها، لم يبق لهذا النظام إلا طرح قضية الصحراء المغربية للمناقشة في الأسواء الجزائرية، إن وجدت من الجزائريين من يهتم بها.
ومن غرائب هذا النظام العسكري أن يتحدى مجلس الأمن ويتجرأ في التنديد بقراره واصفا إياه ب”المتحيّز” بشأن الصحراء المغربية، وأعربت عن “عميق أسفها” و”عدم دعمها” قرار مجلس الأمن “المتحيّز” الذي دعا “طرفي” النزاع في الصحراء الغربية إلى استئناف المفاوضات “بدون شروط مسبقة وبحسن نية”، بحسب ما جاء في بيان لوزارة خارجيتها الأحد.
وتابع، هذا القرار “يفتقر بشدة إلى المسؤولية والتبصر جراء الضغوط المؤسفة الممارسة من قبل بعض الأعضاء المؤثرين في المجلس”، في الوقت الذي أشاد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة بالقرار مؤكدا على أنه “قرار مهم بالنظر لسياقه (…) يقدم أجوبة مهمة على مناورات الأطراف الأخرى”، وعبر ممثل مرتزقة بوليساريو بواشنطن عن استيائه إزاء هذا القرار .
الخطاب الملكي الأخير بمناسبة الذكرى ال46 للمسيرة الخضراء كان بمثابة آخر مسمار في نعش “بوليساريو” لقيطة النظام العسكري الجزائري ونهاية لأحلامه وأوهامه وحقيقة لكابوسه المرعب والقاتل.
وقال الملك محمد السادس:” إن المغرب لا يتفاوض على مغربية الصحراء بل يتفاوض على وضع حل لهذا النزاع المفتعل”، مشددا على أن سيادة المملكة على الصحراء موضوع لا نقاش فيه، وأن مغربية الصحراء لم تكن يوما ولن تكون أبدا مطروحة فوق طاولة المفاوضات.
وأردف الملك بالقول: “لقد سجلنا خلال الأشهر الأخيرة، تطورات هادئة وملموسة، في الدفاع عن صحرائنا“.
وتابع: “إن مغربية الصحراء حقيقة ثابتة، لا نقاش فيها، بحكم التاريخ والشرعية، وبإرادة قوية لأبنائها، واعتراف دولي واسع”.
وسبق لناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن كشف عن بعض الوثائق التي تثبت مراسلة الجزائر لدول من أجل إيقاف دعم المغرب دبلوماسيا وعدم المشاركة والدعوة إلى مقاطعة الملتقى “كرانس مونتانا”، الذي أصبح تقليدا سنويا بمدينة الداخلة المغربية، وهو الأمر الذي علق عليه “جون بول كارتيرون” رئيس المنتدى بالتهكم، حيث شكر “المجهود الدبلوماسي الجزائري لمنع المنتدى ووصفه بالدعاية المجانية”.
الصحيفة الإيطالية “لاريبوبليكا”، في عددها ل10 نونبر الحالي، أكدت أن الجزائر “التي يتدهور اقتصادها، تحشد كل جهودها لاستعداء المغرب، بدلا من تركيز انتباهها على أزمتها الداخلية ومطالب شعبها“.
وكتبت اليومية أنه “بالرغم من اليد الممدودة للرباط، يبدو أن الجزائر مقتنعة بجعل المملكة عدوها الرئيسي، ، حتى لو كان ذلك يعني إلغاء اتفاقيات مهمة مع أوروبا”، مبرزة أن الجزائر قررت عدم تجديد الاتفاق المغاربي-الأوروبي لخط أنبوب الغاز الذي يمر عبر المغرب.
وأشارت الصحيفة الإيطالية إلى أن “هذا التصرف ابتزاز واضح في حق أوروبا”، مسجلة أن الجزائر أوقفت إمدادات طاقة مهمة لإسبانيا تصل إلى 6 ملايير متر مكعب من الغاز، الأمر الذي يهدد “بالتأثير بشكل كبير على مدريد التي ستشهد ارتفاعا مؤكدا في أسعار الكهرباء“.
وذكرت الصحيفة أن تصرف الجزائر نابع من موقفها بشأن قضية الصحراء، مبرزة أن المملكة لا تزال ملتزمة بالمسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة.
وسجلت أنه بالنسبة للمغرب لن يتغير شيء، مذكرة بأن صاحب الجلالة الملك محمد السادس أكد، في خطابه بمناسبة الذكرى الـ 46 للمسيرة الخضراء، أن الصحراء المغربية ليست موضوعا للتفاوض.