عبد العزيز داودي
تميزت الانتخابات التشريعية بالجزائر بمقاطعة شعبية لم تحجبها حتى الأرقام الرسمية التي أدلت بها ما يسمى باللجنة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات، والتي أكدت على أن نسبة المشاركة لم تتجاوز 23 % ، وبلغ عدد البطائق الملغاة مليون بطاقة، مع العلم أن الأرقام الحقيقية لنسبة المشاركة أقل بكثير من الأرقام القياسية.
حزب جبهة التحرير الجزائري الذي كان دائما الأداة الإيديولوجية لعسكر الجزائر حصل على المرتبة الأولى، وبفارق كبير عن باقي الأحزاب، بمعنى أن العسكر رتب أوراقه، ورسم المشهد السياسي بالجزائر بالطريقة التي لا يتيح فيها مجالا للخطإ، ولا يعيد سيناريو انتخابات سنة 1992 حين فازت الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وكان قاب قوسين أو أدنى من الحسم في السلطة السياسية.
وإذا كان العسكر بذلك يريد أن يطوي صفحة الحراك الشعبي، فإن كل المؤشرات تدل على أن الحراك سيستمر، وبزخم شعبي أكبر، نظرا لطبيعة وحجم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية التي تعيش على وقعها الجزائر، ونظرا كذلك للقبضة الحديدية للعسكر، حيث المتابعات القضائية والاعتقالات والاستفزازات على اوسع نطاق. وحتى وسائل الإعلام الدولية لم تسلم من ذلك، حيث سحبت السلطات الجزائرية أوراق اعتماد قناة فرانس 24 الفرنسية، لكون تغطية الانتخابات لم يرق لعسكر الجزائر.
ومع أن النظام الجزائري كان على يقين أكثر من غيره بأن المقاطعة الشعبية للانتخابات ستكون واسعة، وستحطم كل الأرقام القياسية، إلا أنه مع ذلك، راهن على تسويق الديمقراطية الشكلية أو ديمقراطية الواجهة التي أخفت نظاما ديكتاتوريا ومستبدا، لم يجد من بد لتصريف أزماته الداخلية سوى استعداء جيرانه وأشقائه…