عبد القادر كتــرة
تحدثت وسائل الإعلام الجزائرية كعادتها بحرقة وغيرة وأسف، عن تطور المغرب وتخلف الجزائر، وتشير، بغصة وحسد، إلى نجاح المشاريع المغربية وتخلف المشاريع الجزائرية المماثلة، وتقارن بالأرقام، مع العلم أن السياسة المغربية تخطط لمشاريعها ولها استراتيجيتها ولها كفاءاتها وتعرف جيدا أين تضع أقدامها، دون البحث عن مجاراة أو تقليد الأخرين.
لكن في نفس الوقت همُّ الحكام الجزائريين الوحيد هو مجاراة المملكة المغربية الشريفة وتقليد مشاريعها بطرقة “كوبيي كولي”، بل أكثر من ذلك تعمل على تبديد ملايير الدولارات من عائدات المحروقات أموال الشعب الجزائري، في “استثمارات” الهدم والتدمير لصناعة المملكة المغربية الشريفة، وذلك باعتراف وزرائها وسياسييها ومسؤوليها الكبار…
والكل يتذكر الوزير الأول الجزائري السابق، عبد المالك سلال، حين فجر مفاجآت من العيار الثقيل خلال جلسة محاكمة في قضايا فساد وتبذير أموال عمومية ، حين اعترف أن الهدف من الاستثمارات التي جرى إطلاقها سنة 2014 في مجال صناعة السيارات، والتي كلفت خزينة الدولة 34 مليار دينار جزائري قبل أن تنتهي بالفشل، كان الهدف منها “تدمير” صناعة السيارات في المغرب… فكيف يمكن لحكام يفكرون بهذه الطريقة أن يتقدموا ويطورا شعبهم؟؟؟
إعلام النظام العسكري الجزائري أشار إلى أنه “في الوقت الذي لم يتجاوز فيه إنتاج مصنع رونو الجزائر بولاية وهران نهاية السنة 86 ألف سيارة، احتفل مصنع “رونو” بمدينة طنجة المغربية مؤخرا بتصنيع مليون سيارة و هو الذي سبق المصنع الجزائري إلى الوجود بسنتين فقط”.
وكشفت هذه الأرقام، حسب هذا الإعلام، مدى تأخر العلامة الفرنسية في الجزائر رغم الامتيازات الحصرية التي منعت منافستها من أي مصنع تجميع آخر لمدة 2 عامين تقريبا و السوق المفتوح لها محليا حيث عرف الطلب ارتفاعا كبيرا بعد أن تم تجميد استيراد السيارات و الاعتماد فقط على ما تنتجه مصانع التجميع المحلية.
وزاد قائلا “في مصنع الجارة الغربية يتم إنتاج سيارة كل دقيقة، ما يعني أن 1200 سيارة تخرج كل يوم من المصنع وفور إنتاجها يتم نقل السيارات عبر القطار إلى الميناء في مدة أقصاها 40 دقيقة، ليتم تصدير جزء هام من الإنتاج نحو 74 دولة في أوروبا، دول الخليج وإفريقيا.“
وتابع الإعلام الجزائري بغصة وحرقة “احتل المصنع إحدى المراتب الخمس الأولى من ضمن أحسن مواقع الإنتاج للمجمع الفرنسي. ويوظف المصنع المغربي حاليا 8600 شخص، في حين لا يتعدى عدد موظفي المصنع الجزائري 1035 منصبا مباشرا.“
وفي نفس السياق وترجمة لنجاح المملكة المغربية الشريفة في مشاريعها التنموية، سلط وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، مولاي حفيظ العلمي، الثلاثاء 18 مايو 2021ن بطنجة، الضوء على قدرة المغرب على إنتاج سيارات عالية الجودة وبمعدل تصنيع (اندماج) محلي يصل إلى 60 في المائة.
وقال العلمي، في تصريح عقب حفل الإطلاق الرسمي لسيارتين جديدتين من علامة “رونو”، “نوفيل إكسبريس” و”نوفيل إكسبريس فان”، إن قطاع صناعة السيارات صدر خلال سنة 2019 حوالي 80 مليار درهم، وحوالي الرقم نفسه سنة 2020، بالرغم من جائحة فيروس كورونا، لافتا إلى أن صناعة السيارات تعتبر القطاع التصديري الأول بالمغرب.
وتابع “أنه القطاع الأول أيضا فيما يتعلق بالقيمة المضافة”، معربا عن الأمل في أن تبلغ قطاعات أخرى قيمة مضافة عالية، لأن هذا هو هدف سياسة تصنيع المغرب، كما رسمها صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
بالإضافة إلى ذلك، توقف الوزير عند التحول الذي يشهده مصنع رونو بطنجة، لكونه يعتبر مصنعا من الجيل الجديد حيث تنجز الروبوتات 40 في المائة من أعمال التلحيم الضرورية للاستجابة إلى الدقة والجودة العالية المطلوبتين، كما يسير وفق خطوط إلكترونية لتزويد الفاعلين بالتجهيزات وقطع التغيير التي يركبونها في سياراتهم.
وأوضح أن المصنع كان يصنع بعض العربات من علامة “داسيا” والتي وصلت إلى نهاية عمرها الافتراضي ما اقتضى التغيير، مؤكدا أنه بالرغم من الجائحة، كان من الممكن إيجاد التقنيين الضروريين لمواكبة نقل المهارة والمعرفة، ما توج بالتوفر على تقنيين ومهندسين مغاربة يقومون حاليا بمهام الروبوتات.
وأضاف أنه بالرغم من هذا التحول العميق الذي شهده المصنع، فإنه يتوفر الآن على 9100 متعاون، مبرزا أن رونو تمكنت من مضاعفة عدد المتعاونين والارتقاء بمستوياتهم، وهو ما يتماشى تماما مع الاستراتيجية التي وضعها المغرب.
فضلا عن ذلك، تطرق العلمي إلى المناخ الاجتماعي السائد بالمصنع، منوها بالعمل الذكي الذي يقوم به العمال والإدارة والمساهمون، مع الأخذ بعين الاعتبار آفاق المملكة المغربية، التي تعتبر مهد تطور هذه الصناعة.
يذكر أن مجموعة رونو المغرب كشفت رسميا عن نموذجين جديدين من عرباتها، ويتعلق الأمر ب “رونو إكسبريس الجديدة” و”رونو إكسبريس فان” خلال حفل تميز على الخصوص بحضور مولاي حفيظ العلمي، وسفيرة فرنسا بالمغرب، هيلين لو غال، والمدير العام للمجموعة، مارك ناصيف، والمدير العام لمصنع رونو طنجة، محمد بشيري، والمدير العام لعلامة رونو المغرب، محمد بناني.
من جهة أخرى، لجأت الحكومة الجزائرية، التي اجتهدت في فرملة المشاريع الصناعية المغربية في هذا الصدد، إلى الترخيص لعمليات اقتناء السيارات المستعملة أقل من ثلاث سنوات. وقال وزير الاتصال الناطق الرسمي للحكومة عمار بلحمار، الأحد 23 ماي 2021، إن هناك تعديلات وشروط تم وضعها لتمكين الوكلاء من استيراد أكبر عدد من السيارات بأقل تكلفة وفي أقرب الآجال.
وأكد الناطق الرسمي باسم الحكومة في حوار له مع موقع “سهم ميديا” أنه تم إدراج بعض التعديلات على المرسوم التنفيذي رقم 20-227 المحدد لشروط وكيفيات ممارسة نشاط وكلاء المركبات الجديدة.
وتتمحور هذه الشروط حسب بلحمار أساسا حول تخفيف الوثائق المطلوبة في الملف وتبسيط الإجراءات الإدارية بهدف تسريع وتيرة دراسة الملفات.
وأضاف أن هناك شروط أخرى يلتزم بها الوكلاء للتمكن من استيراد أكبر عدد من المركبات في اقرب الآجال وبأقل تكلفة ممكنة.
وعن المشاكل التي عرفها استيراد وتصنيع السيارات في الجزائر أوضح المتحدث أن ذاك يرجع إلى سيطرة بعض رجال الأعمال على هذا الملف، مضيفا أنه وبالرغم من كل التسهيلات الجمركية والإعفاءات الضريبية إلا أنه لم يتم تحقيق أي نسبة إدماج ولم يتم توفير العدد اللازم من مناصب الشغل.
وفي هذا الصدد أشار إلى أن الحكومة الحالية عملت على إعادة النظر في كل المنظومة القانونية المتعلقة بملف السيارات سواء ما تعلق بالاستيراد أو التركيب من أجل تلبية احتياجات المواطنين من السيارات وإرساء قاعدة صناعية حقيقية تعتمد على التصنيع الحقيقي وليس التركيب.