نور الدين زاوش
من العسير، إن لم يكن من المستحيل، أن تجد في العالم نظاما مفلسا، مجرما، قتَّالا، إرهابيا بما تحمله الكلمة من معنى ودلالات؛ نظام يقتات على أزمات الشعوب ويتاجر بأوجاعهم وآلامهم مثلما يفعل النظام الجزائري البئيس، الذي أزكمت رائحته النتنة أنوف العالم، وأدهش بغبائه وعنجهيته وانحطاطه شعوب المعمور.
منذ اللحظة الأولى التي اندلع هذا المصاب الجلل في بلدنا الحبيب، والإعلام الجزائري منكب على مهاجمة المملكة الشريفة بكل ما أوتي من خبث ولؤم وحقارة ودناءة؛ فكان الوحيد من وصف شهداءنا الأبرار الذين قضوا نحبهم في الزلزال بالهالكين أهلكه الله، والوحيد من بين دول العالم من عزَّى الشعب المغربي دون أن يعزي المملكة وملكها حفظه الله، وكأنه شعب بلا دولة وبلا قائد، والوحيد من عرض “المساعدة” على المغرب بشرط أن يطلب ذلك؛ ولست أدري لماذا اشترط هذه النظام المعتوه مجرد الطلب، في الوقت الذي كان من الممكن أن يشترط فيه التوسل و”التعوريط”؟
صحيح أن الغباء ليس له حدود؛ فكيف لبلد بئيس كالجزائر، والذي تملأ طرقاته المتآكلة عشرات الطوابير سيئة السمعة من مئات المواطنين البؤساء، إن لم تكن من الآلاف، تنتظر دورها لاقتناء رطلا من العدس، أو قنينة زيت، أو علبة حليب، أو كيس سميد، أن تقدم الدعم لشعب صارت شوارعه كلها طوابير من المواطنين الشرفاء الذين ينتظرون دورهم للعطاء وليس للأخذ، مقدمين درسا راقيا للإنسانية جمعاء في البذل والتضحية ونكران الذات؟
كيف لبلد مجرم هجَّر أكثر من ربع مليون مغربي ليلة عيد الأضحى وبثياب النوم، وفرّق بين الرجل وزوجه، والأب وفلذات كبده، ونهب مدخراتهم، واستحوذ على عقاراتهم وأملاكهم دون أن يرف له جفن، أن يصحو ضميره بين عشية وضحاها ليقدم المساعدة لشعب أذهل العالم بسخائه وتلاحمه؟
الشيء الوحيد الذي ربما قد نحتاجه من الجزائر، خبرتها في تنظيم الطوابير المشؤومة، وتقنياتها في السيطرة عليها من كثرة ما عاش الشعب الجزائري في ثناياها حتى تعايش معها؛ ولكن حتى هذا لسنا في حاجة إليه، فالمغاربة أيضا لهم خبرة واسعة في طوابير الخير والبذل والعطاء.
لهذا؛ فإذا كان النظام الجزائر جادا في سعيه لمساعدة المغاربة، فما عليه إلا أن يبادر بإرجاع جثة المغربي الذي قتله في مياه السعيدية بدم بارد لأهله وذويه، وأن يطلق سراح المغربي الآخر الذي ما زال يقبع في سجون الذل والعار؛ وإلا فإن صور الطائرات الثلاث في مطار بوفاريك العسكري، وبجانبها عناصر الوقاية المدنية بمعية الكلاب المدربة مجرد صور للاستهلاك “الفايسبوكي” فحسب.