عبد القادر كتــرة
حثّ الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني الولاة على الوعي بخطورة الأوضاع على الحدود والاهتمام بالبعد الدبلوماسي لمهامهم على الحدود والعمل على تحسين وتوعية المواطنين بعدم العبور إلى الأراضي المالية إلا لضرورة قاهرة.
وشدد ولد الشيخ الغزواني، الخميس 24 مارس الجاري، في اجتماعه مع الولاة على ضرورة اليقظة على الحدود، “في الظروف الاستثنائية التي تمر بها جمهورية مالي”، مؤكدا على أنه يستوجب على الولاة، الاطلاع الدائم وعن كثب، على أحوال المواطنين الذي يمثل أولى مراتب قرب الإدارة من المواطن وجعل حل مشاكلهم وتسهيل معاملاتهم، وفق البيان.
وشدد، في بيان رئاسي، على أن أول ما ينبغي أن تتجلى فيه المضامين والمعاني التي تضمنها خطاب وادان، من نبذ للتراتبية والصور النمطية الزائفة، هو تعاطي الإدارة المحلية مع المواطنين، مضيفا “أنه يجب على الولاة في تسييرهم للشأن العام وفي كل ما يتخذونه من قرارات، منح المواطنين، إحساسا بالمساواة والكرامة والقدرة على استيفاء الحق دون وساطة أو اعتبار غير المواطنة”.
ويأتي هذا التحذير بعد زيارة وزير الاسكان والعمران والاستصلاح الترابي سيد أحمد ولد محمد أمس السبت، زيارة لقرى على الشريط الحدودي مع مالي، أين أجرى لقاءات مع سكان قرى (أركن وصونداج ول ديدي وكرفي وتيدوم الملدة واسردوبة) بمقاطعة باسكنو، وقرى (بوعنز وأم القرى وبوبن وتجمع بغلة) بمقاطعة عدل بكرو.
وقال في تصريح أوردته وكالة الأنباء الموريتانية :”إن الدولة حريصة على أمن وطمأنينة المواطن، مشيرا إلى الإجراءات التي اتخذت من طرف السلطات الموريتانية لكشف ملابسات اختفاء موريتانيين في مالي، حاثا السكان إلى اتخاذ الحيطة والحذر والابتعاد عن مناطق النزاع بالجارة مالي التي قال إنها تشهد اضطرابات أمنية حالياً.”
وكانت السلطات الانتقالية في دولة مالي، قد أعلنت عن إغلاق مناطق قريبة من الحدود مع موريتانيا، حيث يخوض جيشها عملية عسكرية ضد مقاتلي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، حيث استهدف عدد من المواطنين الموريتانيين وقتل عشرات المدنيين الماليين مؤخرًا.
وقالت الداخلية المالية في بيان رسمي، “إنه من أجل المحافظة على العلاقات المتميزة وحسن الجوار بين موريتانيا ومالي، ولحماية المواطنين الموريتانيين والماليين، قررت السلطات المالية أن تمنع بشكل تام حركة المدنيين في غابتي واغادو وغرينغالي، حيث تجري عملية (ماليكو) العسكرية”.
ويطلق الجيش المالي اسم “ماليكو” على عملية عسكرية يخوضها منذ أسابيع ضد عناصر تنظيم القاعدة، خاصة مقاتلي جبهة “تحرير ماسينا” الذين يتمركزون في غابة واغادو التي تبعد عن الحدود الموريتانية 110 كلم، حيث تم اكتشاف قبور جماعية لمدنيين في هذه الغابات.
كما قتل 7 موريتانيين في شهر يناير الماضي، واختفى أكثر من 31 موريتانيًّا بالمنطقة الحدودية مع مالي، أين تنشط الجماعات الإرهابية وميليشيات بوليساريو ومافيا التهريب والاتجار في المخدرات، تحت إمرة جنرالات النظام العسكري الجزائري التي يوظفونها في السيطرة على المنافذ والمراقبة وقطع الطريق واقتراف الجرائم والتخريب والتخويف.
وتأتي هذه الخطوة بعد ساعات من مغادرة وفد رفيع من مالي العاصمة الموريتانية نواكشوط، وأجرى خلالها لقاءات مع المسؤولين الموريتانيين، حيث اتفق الجانبان على تنظيم دوريات عسكرية وأمنية مشتركة لتفادي حوادث القتل الذي يتعرض له المدنيون على طول الشريط الحدودي المشترك بين البلدين.
جاء في بيان مشترك، صدر عن زيارة وفد حكومي مالي كبير ترأسه وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب، أن الدوريات المشتركة ستقوم بعملها على الشريط الحدودي المشترك الذي وقعت فيه مذبحتان راح ضحيتهما عشرات المدنيين العزل.
وأشار البيان إلى أن الحكومتين وافقتا كذلك على تشكيل بعثة مشتركة لتحديد ملابسات حادث مقتل 44 مدنيًّا موريتانيًّا الأسبوع الماضي عند نقطة “بئر العطاي” داخل الأراضي المالية عند الشريط الحدودي المشترك، كما اتفقت الحكومتان على نشر نتائج التحقيق في مقتل 7 موريتانيين، في يناير الماضي، داخل الأراضي المالية في نفس الشريط الحدودي ومعاقبة الضالعين في الأعمال الإجرامية التي راح ضحيتها مدنيون موريتانيون.
وتتمسّك الحكومة المالية بعدم تورط جيشها في حادثة “بئر العطاي”، وتؤكد أنه بناء على أدلةٍ وفرتها الأجهزة التكنولوجية، فإنه لم تكُن هناك أي دورية للجيش المالي في منطقة “بئر العطاي” في ذلك التاريخ، وبالتالي لا دليل يثبت تورط الجيش المالي في الحادث.
وأكدت الحكومة في بيان رسمي، احترافية القوات المسلحة المالية الحريصة على احترام حقوق الإنسان، مشيرة في السياق ذاته إلى أنه منذ نهاية العام الماضي استجوب الجيش المالي 29 مواطنًا موريتانيًّا داخل أراضي مالي وأفرج عنهم.
وفي سياق متصل، قال الكاتب والمحلل والسياسي الموريتاني محمد البشير -في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”- إن عددًا من سكان مدينة “باسكنو” الموريتانية، نظموا وقفة احتجاجية أمام مبنى المقاطعة للمطالبة بكشف مصير عدد من أبناء المدينة المفقودين بعد دخولهم الأراضي المالية.
وحسب البيان المشترك، فقد اتفق الجانبان على إنزال أشد العقوبات ضد المتورطين في أعمال القتل وفق القوانين المالية، وإنشاء إطار مشترك للتشاور بين البلدين لتبادل المعلومات لضمان تلافي وقوع الأحداث المؤلمة.. وتشترك موريتانيا مع مالي في حدود يبلغ طولها 2200 كيلومتر، والتي تشهد نشاطًا لجماعات إرهابية ومهربين.
وسبق أن استدعت وزارة الخارجية الموريتانية السفير المالي المعتمد في نواكشوط، وذلك لإبلاغه احتجاجا شديد اللهجة على ما تكرر في الآونة الأخيرة من أعمال إجرامية، على أرض مالي، في حق مواطنين موريتانيين عزل، ويتعلق الأمر بخمسة وثلاثين موريتانيا تم اختطافهم بسيارات مجهولة في 02 مارس الجاري، بينما كانوا يسقون مواشيهم عند حنفية مياه في الجانب المالي قرب الحدود المالية الموريتانية، وبعد ثلاثة أيام ثبت أن مجزرة حصلت على بعد ثلاثة كيلومترات، واستطاع أحد أبناء المخطوفين التعرف على جثة أبيه.
من جهة أخرى، يساهم العسكر الجزائري في اقتراف هذه الجرائم في حقّ الكمواطنين العزل، حيث سبق أن أقدم جنوده، صباح الأحد 16 ماي 2021 ، على قتل مواطن موريتاني كان ضمن مجموعة تمارس التنقيب عن الذهب داخل منطقة حدودية صحراوية مفتوحة بين موريتانيا والجزائر .
وأكدت مصادر المنقبين أن الموريتاني القتيل كان داخل سيارة رباعية الدفع أُمطرت بالرصاص الحيّ من طرف كتيبة من الجيش الجزائري.
وأعلن بيان مشترك صادر عن وزارات الخارجية والدفاع والداخلية، في موريتانيا، أن منقبا موريتانيا عن الذهب لقي حتفه وجرح آخر جراء قصف الجيش الجزائري لقافلة من المنقبين عبرت الحدود إلى داخل التراب الجزائري.
وقال البيان إن الحكومة الموريتانية تلقت للتو معلومات عن حادثة وقعت في وقت مبكر من صباح اليوم الأحد 16 ماي 2021، على الحدود الموريتانية الجزائرية، الجانب الجزائري، إثر عبور موكب لمنقبين عن الذهب يتألف من ست سيارات الحدود باتجاه الجزائر.
العسكر الجزائري لم يمهل الشباب، ولم يوجه لهم تحذيرا مسبقا، أو يبعث من يعترض سبيلهم ويستفسر عن هوياتهم أو يعتقلهم، وحتى حين قرر عناصره إطلاق النيران صوب سيارات الشباب، لم يحاولوا إخافتهم أو ثنيهم عن التقدم ، وتبين ما إن كانوا مدنيين أو مهربين، بل تعمدوا إصابة العربات بشكل مباشر، وفي أماكن تواجد الركاب، ما يفشي النية المبيتة لتصفيتهم دون رحمة، وهو أمر يتنافى والضوابط المعمول بها في مثل هذه الحالات .
وسبق أن أقدم العسكر الجزائري بتندوف على قتل “محمد ولد محمود ولد لغضف ولد سيدي محمد” المنتمي إلى قبيلة “ولاد بوسبع” وهو أحد عناصر بوليساريو، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة، صباح يوم الأحد 07 مارس 2021، متأثرا بجروح أصيب بها على مستوى الرأس والبطن نجمت عن أعيرة نارية أطلقتها عليه الخميس الماضي، عناصر من الجيش الجزائري على مستوى المنطقة العسكرية الواقعة قرب الرابوني بمخيمات تندوف لمجرد انه كان ينقل كمية من “الكازوار ” بغرض بيعها للرحل .
هذه الجريمة الجديدة في حق الصحراويين المحتجزين بمخيمات الذل والعار بتندوف بالجزائر، المرتكبة من طرف الجيش الجزائري، تم تمريرها، كما هي العادة، تحت غطاء الصمت المذل لقيادة “جمهورية تندوف”، حسب موقع إلكتروني دعائي موال لبوليساريو .
هذا الحادث الجديد ينضاف إلى حوادث أخرى لا تقل خطورة ضد ساكنة مخيمات تندوف، سواء في الخيم أو في المعتقلات، إذ في واقعة وحشية وجد خطيرة وصفها موقع إلكتروني جزائري معارض بجرائم التنظيم الارهابي “داعش”، بعد أن أقدم العسكر الجزائري، بعد زوال يوم الاثنين 19 أكتوبر 2020، على قتل شابين صحراويين، حرقا داخل بئر، حيث كانا الضحيتان ضمن مجموعة من المنقبين الصحراويين عن الذهب شرق ما يسمى ب “مخيم الداخلة” بمخيمات الذل والعار.
واستنادا إلى أخبرا واردة من المخيمات والتسجيلات الصوتية التي تم تداولها على تطبيق الواتساب، قامت دورية لمن عناصر من النظام العسكري الجزائري بمطاردة المنقبين، الأمر الذي دفع غالبيتهم إلى الفرار خوفا من بطش ووحشية هؤلاء العسكر.
يشار إلى أن الأمم المتحدة سجلت مقتل نحو 600 مدني في مالي، خلال سنة 2021 ، من جراء أعمال عنف نُسبت بغالبيتها إلى مجموعات إسلامية مسلحة بالإضافة إلى ميليشيات للدفاع الذاتي والقوات المسلّحة، وفق ما جاء في تقرير لبعثة الأمم المتحدة في البلاد.
وفي الأشهر الستة الأخيرة من العام 2021 ارتفعت حصيلة القتلى بنسبة 16 بالمئة مقارنة بالأشهر الستة الأولى من العام، وفق مذكّرة لهيئة حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي “مينوسما”.