خليل البخاري: باحث تربوي
شهدت مؤخرا الثانوية التأهيلية أم الربيع بامريرت حادثا مأسويا يتمثل في تعرض أستاذ مادة الفلسفة لاعتداء همجي من طرف تلميذ حاول الغش داخل قاعة الامتحان دون اعتبار للأستاذ المكلف بالحراسة.
هناك عديد من نساء ورجال التعليم الذين تسند لهم مهمة الحراسة في الامتحانات الإشهادية: الجهوي والوطني؛ يتعرضون لكل أشكال العنف اللفظي والجسدي والنفسي إضافة إلى السب والشتم وحتى التحرش بنساء التعليم من طرف بعض المترشحين، ففي بعض مراكز الامتحان تكون سلطة التلاميذ في القسم الأعلى من سلطة الأساتذة، ولم يعد الأساتذة يؤدون رسالتهم التربوية والتعليمية كما يجب أن تكون.
إن تنامي وتزايد العنف في حق نساء ورجال التعليم يحدث بصفة خاصة خلال فترة الامتحانات الإشهادية، ويعود ذلك إلى أسباب متداخلة أبرزها غياب الاستعداد لدى بعض التلاميذ وطبيعة نظام الامتحانات التي مازال يغلب عليها الحفظ واختيار المكتسبات والمخزون المعرفي إضافة إلى إهمال بعض الأسر لمهمة التربية وعجزها عن أداء دورها الحقيقي، فهناك عديد من أبناء الأسر الذين يخضعون لتأثيرات خارجية بعيدة عن منظومة القيم التي ينتمون إليها، وخصوصية مرحلة المراهقة التي يمر بها تلاميذ المستويين الجهوي والوطنية، والتي يتميز فيها التلاميذ بتوفرهم على طاقات مرتفعة يقومون بتفريغها في شكل سلوكيات عنيفة وعدوانية.
لقد أصبح الاعتداء على نساء ورجال التعليم خلال فترة الامتحانات الإشهادية جزءا من المشهد التربوي، فكلما انطلقت الامتحانات إلا وأصبح عدد من الأساتذة المكلفين بالحراسة مهددين داخل قاعات الامتحان، في كل لحظة، من طرف بعض الممتحنين الذين يطمحون إلى الغش بالقوة ويعتبرون هذا السلوك مكسبا شرعيا، وفي كثير من الأحيان تتراجع الجهات المسؤولة عن القرارات التأديبية التربوية إما خوفا من ردود أفعالهم العدوانية أو بسبب تدخلات من بعض الجهات، لذا فإن أغلب نساء ورجال التعليم الذين تسند لهم مهمة الحراسة غير محميين، سواء داخل قاعات الامتحان أو خارجها.
إن ما يتعرض له الأساتذة داخل قاعات الامتحان وخارجها جعل من مدارسنا بيئات عنيفة غير آمنة أفقدت رجال التعليم هيبتهم ومكانتهم بما فيها داخل الحرم المدرسي، لذا بات من الضروري مواجهة ظاهرة تعنيف نساء ورجال التعليم بقوة وحزم انطلاقا من الأسرة، اللبنة الأولى للمجتمع، ثم المدرسة فالمجتمع، مع فتح أبواب الحوار وجسور التواصل والتفاعل بين أولياء أمور التلاميذ .
إن معالجة العنف المدرسي، خلال فترة الامتحانات الإشهادية الجهوي والوطني، لا يمكن اختزاله بالمقاربة الأمنية بل يجب أن تشمل المعالجة إلى جانب الأسرة والمدرسة، الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والتنمية الرياضية لضمان السير الصحيح لمخرجات المنظومة التعليمية.