بقلم ذ. عبد القادر مسعودي *
ماذا لو استقبل المغرب مجرما ضد الدم الإسباني، ضد الوحدة الترابية لها؟ ضد هويتها وتاريخها؟ كم حجم الهجوم الذي كان سيتلقاه المغرب من الجارة الشمالية التي أرعبها زحف حفنة شباب وصبيان إلى أرض هي أصلا أرضنا وقطعة منا….
لاحظوا كيف تأزمت نفسيتها الدبلوماسية؟ كيف حركت ترسانتها الأمنية والعسكرية وكل مفاصلها لوقف زحف ناعم لا يشكل أدنى تهديد لها؟ إن الجارة المشاكسة اعتادت ردا باهتا من دبلوماسيتنا التي تلقت ضربات تلو ضربات، رغم تحرشات الجارة على جميع المستويات، بدءا من ملف وحدتنا الترابية، مرورا بملف إغراق أسواقنا ومدننا بخوردتها ومتلاشياتها ضد كل أعراف وقوانين الاتحاد الأوروبي، والتي تمنعها من بيع متلاشياتها في كل شبر من شمال البحر الابيض المتوسط…
إنها دولة متحايلة بامتياز! فبدل أن تنتهي متلاشياتها بالمراكز الاجتماعية، فضلت أن تجعلها نجم أسواقنا، تغنم منها ملايير الدولارات ضدا على اقتصادنا بشل كل خطوة وطنية للاستثمار الوطني، وصولا إلى ملف قاصرينا التي تظهر نوعا من اللطف اتجاهم، لطف لا يباركه إلا حجم المساعدات والدعم الذي يراكم في خزينة الجارة الحلوب، فكل قاصر صفقة مربحة مع الاتحاد الأوروبي…
أخيرا استطاعت دبلوماسيتنا أن تحرق جميع أوراق الجارة، أن تسحب البساط من تحت أقدامها التي اعتادت الرفس على مصالحنا… فرغم تحرشها ومعاكستها لمصالحنا، استطاع المغرب أن ينزع اعترافا تاريخيا بسيادته على جميع أراضيه، اعترافا كان قاتلا لطموحات الجارة الشمالية التي بثت سمومها الناعمة عبر استقبال بطل جرائم حقيقية ضد الإنسان والإنسانية. إنها عفطة ديك جريح لا بد له من الاستسلام لموقف القدر الأخير.. إنها حماقة ما بعدها حماقة.. فكيف لها أن تنسى وهي الملوحة دائما بالورقة الحقوقية لهزم طموحات مشروعة لوطننا؟ أم حلال عليها وحرام علينا؟ تنتهك هاته الحقوق وتمرغدها كما يحلو لها.
عفوا يا سادة، فالمغرب استعاد عافيته، ووقف على قدميه، ولم يعد يحتمل حماقة بلد احتضن صداقات مع جماعات إرهابية، آخرها المجرم المطلوب للعدالة.
واهم من يعتقد أن ازمة البلدين ستكون مجرد سحابة عابرة، إنها بداية البدايات، إنه مغرب آخر سيركع إسبانيا لتسدد فاتورة غالية ومكلفة من تاريخ مليء بالتحرشات وتأبيد معاناة الوطن…
شكرا لك إسبانيا على جرأتك في استقبال مجرم، جرأة قابلتها جرأة أكثر جرأة، أخرجت المغرب الحقيقي إلى الواجهة لتظهر الجارة كقزم صغير. لم يستفق بعد من رد دبلوماسيتنا، ولا حاجة لتذكير الجارة بأفضال المغرب عليها… فقط عليها أن تحصي حجم مراكبها التي تنتعش من الصيد بمياهنا. عليها أن تقدر حجم المنافسة الفلاحية المغربية لصادراتها نحو بريطانيا… عليها… وعليها….. لتقف على حقيقة حجمها. انتهى زمن المساحيق ليظهر كل شيء بوجه مكشوف، فأي وجه لك يا جارة؟ فكل أوهام الإنسانية سقطت أمام أعتاب خطوتك غير المحسوبة. فعلا استقبال غالي كان غاليا لدبلوماسيتنا التي أصابتك في مقتل…
* ذ. عبد القادر مسعودي: محامي بهيئة وجدة.