نور الدين زاوش
لم تعد باريس بلد الأضواء والأنوار، ولم تعد فرنسا بلد الحضارات والحريات؛ بل عادت واحدة من البلدان الراعية للعنصرية النتنة، والتضييق على الحريات بدعوى حماية الحريات، وبدعوى الخوف على مبادئ الجمهورية المتهالكة؛ ففي الوقت الذي تنسل فيه دول إفريقيا من بين يديها الواحدة تلو الأخرى، مثلما ينسل من بين الأصابع الماء، وفي الوقت الذي تعيش فيه البلاد على صفيح ساخن يهدد أمنها وكيانها؛ نجد أن لا حديث لإعلامها التافه سوى عن خِرقة تضعها لاعبة في كرة القدم بمحض إرادتها وبمباركة الفيفا.
لقد أظهرت المقابلة الأخيرة للمنتخب المغربي النسوي بنظيره الفرنسي كِمية الخبث والغباء والعنجهية التي يبدو أنها صارت أولوية لهذا البلد الآيل للسقوط، وكشفت أيضا وجهه القبيح المتخفي وراء قناع “الحرية والمساواة”، فها هو “جوليان أودول” وهو نائب برلماني فرنسي وسياسي معروف ينشر صورة “نهيلة بنزينة” وهي تبكي الخسارة وبجانبها اللاعبات الفرنسيات وهن في غاية الفرح، معلقا بأن قيم الحريات في الجمهورية الفرنسية تنتصر على قيم الدين الإسلامي؛ وكأن الأمر لا يتعلق بمباراة في كرة القدم تحتمل الربح والخسارة؛ بل بغزوة من غزوات الحروب الصليبية المقدسة.
حينما تشير إلى السماء فإن العاقل ينظر إلى القمر والأحمق ينظر إلى الأصبع، هذا ما وقع بالضبط لفرنسا التي من كثرة ما حمت نظام حظيرة الجزائر الأرعن من السقوط، ومن شدة ما أصرت على رعايته وتزيين واجهته انتقل عدوى التخلف العقلي والهبل النفسي إليها، وصارت مهددة بالسقوط معه وربما حتى قبله؛ لتتحقق بذلك نبوءات سياسييه المحنكين، والذين حذروه ما من مرة من أن التمسك بخيار عدم انهيار الجزائر، قد يكون سببا في انهيار الجمهورية الفرنسية.
بارك الله في الإمبراطورية المغربية الشريفة، والتي يعيش في كنفها الجميع بمختلف أطيافهم وتوجهاتهم وأعراقهم وخلفياتهم الدينية والأيديولوجية في حب وسلام، وتحت ضمانة أمير المؤمنين أعزه الله؛ حتى عاد هذا البلد آمنا مطمئنا بحمد الله ومنته، مما حبا بأمراء الخليج وملوكهم وسلاطينهم، ورؤساء حكومات الدول الغربية، ومشاهير العالم في الرياضة والفن والسينما إلى قضاء عطلهم وإجازاتهم في المغرب العظيم؛ ولا بارك في جمهورية النفاق والشقاق، والتي تقمع الحريات الفردية باسم حماية الحريات.