قاسم حدواتي
برز في العقود الأخيرة، إجرام من نوع خاص، أشخاص تعرفون بعضهم، كثيروا الدوام داخل مكاتب بعض الجماعات و الملحقات الإدارية، خلف شبابيك مصالح تصحيح الإمضاءات أو المصادقة على الوثائق.
فلا تمر ولاية دون انتشار خبر عن اعتقال موظف جماعي، عضو،أو عون سلطة، بتهم التزوير في الوثائق الرسمية، الشطط في استعمال السلطة، التدليس أو المشاركة في ذلك، حيث أن التعاملات الإدارية، من تعاقدات، والتزامات…، تمر على أيديهم، منها ما هو قانوني، ومنها ما يحتاج إلى غض الطرف، أو إلى امضاء من طرف بعض الأقلام، فصار الوضع يدعو إلى الارتياب و الشك بشكل يثير التساؤل والقلق.
المعاملات بين المواطن والإدارة، أو بين المواطنين أنفسهم، تتم عن طريق تصحيح الإمضاءات، أو بالمصادقة على الوثائق لدى المقاطعات والملحقات الإدارية، بإجراءات جد بسيطة، لكنها قد ترتبط في بعض الأحيان بمصير أناس وعائلات، لذلك فالدقة في المهام واليقظة من الضروريات التي يتوجب أن يتحلى بها أعضاء الجماعات، وموظفوا هذا القطاع الحساس، وإلا تعرضوا لإنزلاقات إدارية، قد تكلفهم شهورا وسنوات وراء القضبان، وهذا ما حدث في عدة جماعات ومقاطعات مغربية.
فمنذ حوالي السنتين اعتقلت مصالح الأمن بمقاطعة الحي الحسني بمدينة الدار البيضاء، رئيس قسم الموظفين، وموظف يعمل بقسم تصحيح الإمضاءات على خلفية تصحيح إمضاء شخص متوفي، بأمر من رئيس القسم، خطأ بسيط يكلف سلب الحرية، فقط لعدم التأكد من صحة الإمضاء.
فلتصحيح إمضاء ما، يتوجب على صاحبه التوقيع بالوثيقة المقدمة، وكذا على سجلات وضعت لهذا الغرض، ليقوم بعدها الموظف المفوض أو العضو المكلف، بالتوقيع و الختم مصحوبا بالرقم الترتيبي للإمضاء المصحح بالسجل، وهو عكس صورة الوثيقة التي حصل عليها موقع الحدث، من مصدر مطلع، حيث ان الوثيقة قد تمت المصادقة عليها، بدون أن تحمل امضاء صاحبها، هويته، ولا حتى رقما ترتيبيا لها…، وثيقة، وإن كانت لا تشكل أي ضرر، لكن تبقى كفيلة لكشف معالم طريقة اشتغال البعض.
فأصبح العديد يعلم أن هناك مقاطعات أو جماعات، تعد من بين الإدارات النادرة في المغرب ككل، التي يمكن أن تتم فيها العمليات الإدارية كالمصادقة على الوثائق وتصحيح الإمضاءات، دون سلك المساطر القانونية أحيانا، لهذا تصبح مقصدا للمواطنين من كل الأنحاء من أجل المصادقة على العقود المشبوهة، كالوكالات الوهمية من اجل بيع منازل أو أراضي مجهولة، بيع دور الصفيح والأكشاك، بيع وشراء الدرجات النارية الغير المرقمة، عقود الكراء من أجل التهرب الضريبي.