فاطمة الزهراء حاكمي
من جنوب صحراء إفریقیا، وبالتحدید من عاصمة غينيا كوناكري، دق ناقوس الأمل لیعلن عن صرخة أنثوية مفعمة بالحیاة والحب.
بقامتھا الطویلة، وبشرتھا السمراء اللامعة، وضحكتھا التي لا تفارق محياها، وعیونھا السوداء البراقة، تحكي لنا أمیناتا عن قصتها مع الھجرة.
”لم یكن الأمر سھلا علي في البدایة، ولكن ماذا عساي أن أفعل سوى أن أحاول التأقلم مع ما كتبته الأقدار لي”.
أمیناتا شابة في العشرینات من عمرھا، تنحدر من العاصمة كوناكري، كان حلمھا منذ الطفولة أن تصبح لاعبة ومدربة لكرة السلة، فتراھا تحمل بید كرتھا وبیدھا الأخرى تتشبث بأمل الفوز والتفوق والنجاح.
لم یكن من السهل أن تحقق كل ما ترید، خاصة في أوضاعھا تلك، لكن لم تجعل ھذا عائقا لھا، بل تركت خلفھا كل الذكریات: العائلة، المنزل وكل شيء یربطھا بھویتھا لتتبع شغفھا وحلمھا على أمل أن تعود لاعبة أو مدربة لمنتخب بلادها الوطني.
حطت أمیناتا رحالھا بالمغرب بمدینة تطوان لتفتح عیونھا بنادي المغرب التطواني لكرة السلة ھناك، وتبدأ مسیرة مفعمة بالنجاحات الجھویة والوطنیة، وتطير بعدها إلى فريق الفتح الرباطي حيث وضعت كل خبرتها الرياضية بسلة هذا الفريق الذي شكلت نقطة فارقة في وحاسمة في نجاحاته لمدة سنتين رياضيتين كاملتين، قبل ان تحط رحالها بمدينة الناظور، جوهرة الأبيض المتوسط.
تقول أمیناتا أنها وجدت نفسھا في مدینة الناظور وأنھا لم تعد تتعرض للعنصرية والتنمر والعنف اللفظي الذي كانت تتعرض له في كل مرة كغیرھا من المھاجرات.
وبمساعدة جمعية ثسغناس، تمكنت بمدينة الناظور من الانتقال من مجرد مهاجرة عادية إلى أيقونة النساء المهاجرات، حيث صارت النور الذي يضيء ظلمتهن والمنارة التي يهتدين بها، والشفاء الذي يداوي مرضهن، والقدوة التي ترشد فتياتهن، فكانت الوسيلة لحصول العديد منهن على الخدمات الاجتماعية والصحية اللازمة، والوسيط الذي مكن الكثيرات منهن من الاندماج في المجتمع والانخراط فيه، حيث حصل بعضهن على عمل قار، وتمكنت أخريات من الانخراط في برامج تكوينية تساعدهن على ذلك.
“اختیاري للمغرب لم یكن من محض الصدفة، بل لأنني أرى أنه البلد المناسب لي ولأحلامي، وهو البلد الذي جعلني لا أفكر أبدا في الھجرة إلى أوروبا“.. ھكذا أجابت أمیناتا بكل ثقة وفخر عن سؤالنا لھا عن سبب اختیارھا المغرب بالتحدید.
وبدموع تحمل في طیاتھا الكثیر من المعاناة والأسى، عبرت أمیناتا عن حزنھا الشدید لما تتعرض له النساء المھاجرات القاطنات في الجبال والغابات، خاصة وأنھن یفتقرن لأبسط مقومات العيش الكريم، ولذلك فهي تعمل مع مختلف الفاعلين بمدينة الناظور، وعلى رأسهم جمعية ثسغناس لمساعدة ھؤلاء المھاجرات وإعادة إدماجھن داخل المجتمع المغربي .
واختتمت كلامھا بعبارة قویة تقول فیھا: ”سأظل أصارع لعبة الحياة إلى آخر رمق من حیاتي، حتى أحقق كل ما أحلم به، وسأبقى وفية للمغرب والناظور، لأنهما قدما لي الشيء الكثير… هنا تعلمت أن أجعل من كرة السلة لعبة أمل”.