عبد القادر بوراص
أثار مشكل التلوث الصناعي جدلا كبيرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أجمعت كل الآراء على ضرورة إيجاد حلول عاجلة لهاته الآفة البيئية التي عمرت طويلا، وشكلت تهديدا حقيقيا للفرشة المائية وعلى واد زا بالخصوص الذي يعتبر مصدر سقي أراض فلاحية شاسعة، فهلك الثلوت الناتج عن مخلفات الوحدات الصناعية لمعالجة الزيتون الكثير من الأشجار المثمرة، ونفق غير قليل من رؤوس الأغنام والأبقار بسبب شربها هذه المياه الملوثة، لتلحق بذلك خسائر فادحة بأهل المنطقة الذين يعتمدون على الرعي وتربية المواشي في كسب قوت عيشهم.
هذا وقد حاول كل المعنيين، من قريب أو بعيد، بمشكل التلوث الصناعي التنصل من مسؤوليتهم اتجاهه من خلال تقديم كل طرف لحجج يبرر فيها سعيه لحله.. حجج ومبررات غير مجدية ولم تنفع في شيء بعد أن بقي المشكل قائما يقض مضجع المتضررين من آثاره، حتى إن بعض أفراد جاليتنا بالمهجر عملوا جاهدين على التنبيه بمخاطره بشتى الطرق.
ودخلت منظمة الشبيبة الاستقلالية بتاوريرت على الخط بإصدارها بيانا، ثمنت فيه المجهود الذي بذله المجلس البلدي وشركاؤه في المشروع والسلطات المحلية في إطار الشطر الأول، والمتعلق أساسا بتمديد قنوات الصرف الصحي، وبناء محطة للضخ وتجميع المياه، إلا أنها غير كافية لحماية البيئة بعد أن طفت في الواجهة مجموعة من التجاوزات أهمها تفاقم حجم الضرر الذي تسببه ”الوديان السوداء” على مستوى نهر واد زا بمنطقة الصباب، وتشويه جماليتها، والتأثير السلبي على دورها السياحي والإيكولوجي، وتضرر الساكنة من الروائح الكريهة المنبعثة، سواء من نقطة تجميع المياه العادمة على مستوى واد ”أمييه الطيور” أو المنبعثة من المطرح العشوائي على مستوى طريق دبدو، خاصة بالليل وأثناء عملية حرق النفايات، فضلا عن تأخر وتعثر مشروع إحداث محطة للتصفية، والتي كانت مبرمجة للحد من تفاقم مشكل الثلوث وانبعاث الروائح الكريهة.
هذا وحملت منظمة الشبيبة الاستقلالية بتاوريرت مسؤولية تردي الوضع البيئي في المدينة لكل الأطراف المنوط بها تدبير هذا المرفق، وفي مقدمتها المجلس الجماعي لتاوريرت، ودعت منتخبي حزب الاستقلال وممثلي ساكنة المدينة إلى الترافع بشكل مسؤول والضغط على الجهات المسؤولة من أجل فتح تحقيق بشأن تعثر مشروع إحداث وحدة لتصفية المياه العادمة، مع حثها كافة الأطراف والجهات المعنية بالمجال البيئي، خاصة هيئات المجتمع المدني التي تعنى بالشأن البيئي، إلى تكثيف الجهود وتوحيد الصف مع الشباب، للضغط على الجهات المسؤولة بهدف إيجاد حلول عاجلة لمشكل التلوث، كما حيت شباب المدينة، داخل أرض الوطن وخارجها، وكل القناعات المبدئية على نضالاتهم وغيرتهم واستشعارهم للخطر الذي يهدد بيئة المدينة وضواحيها.
ويأتي إصدار منظمة الشبيبة الاستقلالية لهذا البيان بناء على الصور المستفزة المنشورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والمعاينات التي قام بها أعضاء من الشبيبة الاستقلالية للأماكن الأكثر تضررا بالمدينة وضواحيها، والتي تشكل كارثة على المستوى البيئي، والمتمثلة بالأساس في مصب واد زا، منطقة الصباب، والضيعات الفلاحية التي تسقى بسموم الواد الحار والمواد السامة المسربة من الحي الصناعي، واستنادا لما ينص عليه قانون إطار 12/99 المتعلق بالميثاق الوطني للبيئة، خصوصا المادة السابعة منه التي تقضي بإلزامية حماية الأنظمة البيئية من كل أشكال تدهور مواردها وجودتها البيئية واستصلاحها، وكذا الاتفاقيات الدولية والقوانين الجاري بها العمل في هذا المجال دوليا.
جدير بالذكر أن مكتب المجلس الجماعي لتاوريرت نشر إخبارا في الموضوع عبر صفحته الرسمية بالفايسبوك، تضمن خلاصات اجتماعه مع رئيس الوكالة الإقليمية للخدمات ـ قطاع الماء ـ وبعض رؤساء اللجان الدائمة إلى جانب مدير المصالح الجماعية ورؤساء الأقسام والمصالح الجماعية، حول التلوث بالحي الصناعي ومآل عملية إنجاز محطتي الضخ والتصفية وقنوات صرف المياه العادمة الصناعية، حيث أوضح رئيس الوكالة الإقليمية للخدمات، قطاع الماء، إلى أن مشروع إزالة التلوث بالحي الصناعي للمدينة يتم إنجازه في شطرين:
ـ الشطر الأول يتعلق بإنجاز محطة الضخ وقنوات صرف المياه العادمة الصناعية بلغت نسبة إنجازه تقريبا 100% .
ـ أما الشطر الثاني المتعلق بإنجاز محطة التصفية لهذه المياه العادمة، فقد تم الإعلان عن الصفقة الخاصة به بداية 2019، حيث تقدمت مجموعة من الشركات الوطنية والأجنبية بعروضها للمشاركة في الصفقة إلا أنها لم تستجب للمعايير المطلوبة، وعليه تم الإعلان من جديد على صفقة ثانية فلم تتقدم أية شركة بطلب المشاركة، مما تطلب من الإدارة المركزية للمكتب الوطني للماء والكهرباء – قطاع الماء – إعادة النظر في بعض الشروط لتسهيل الولوج إلى هذه المنافسة، وعلى ضوء ذلك تم الإعلان للمرة الثالثة عن الصفقة، حيث تقدمت شركتين أجنبيتين وشركة مغربية بعروضها، والصفقة في طور المعالجة وتوجد في مراحلها الأخيرة. وقد أدت جائحة كورونا إلى تأخير تقديم الآليات والمعدات من طرف الشركات المتنافسة أمام اللجنة التقنية المكلفة بالحكم على الصفقة والذي يعتبر شرطا ضروريا للإعلان عن الفائز بالصفقة والشروع في تنفيذها.