عبد العزيز داودي
مع اقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية المحلية والجهوية والتشريعية، تزداد وتيرة حملة الاستقطاب على نطاق واسع. وإذا كانت العديد من الأحزاب السياسية تسابق الزمن لمنح التزكيات للأعيان ورجال الأعمال، وربما لسماسرة الانتخابات أيضا، لحصد أكبر عدد ممكن من المقاعد، ولا يهم من حصد هذه المقاعد، فإنها بالمقابل، أي هذه الأحزاب، لا تدع الفرصة تمر دون أن تستغل السائقين المهنيين، ليس لمنحهم التزكيات، وإنما لاقتلاع أصواتهم الانتخابية مقابل الفتات أو دراهم معدودات، ومقابل وعود قد تكون غير قابلة للتحقيق.
وهكذا، وبعد ان عانى المهني لسنوات طويلة، يجد نفسه مرحبا به ويؤخذ بالأحضان من طرف زعماء الأحزاب السياسية الذين يتحولون فجأة إلى حمائم بعد أن كانوا صقورا جارحة لم تجد أدنى صعوبة في الانقضاض على أجساد المهنيين النحيلة.
الغريب في الأمر أن من كانوا جزءا من الأزمة يطرحون أنفسهم كبدائل. وهكذا تعلمنا ومن خلال تجارب الحملات الانتخابية أنه كلما حان استحقاق معين إلا وشكلت العديد من الأحزاب السياسية أذرعها تحت مسميات مختلفة، إما جمعيات مهنية أو نقابات أو هيئات أو وداديات ليتشابه البقر علينا، ولكي لا نستطيع أن نميز الغث من السمين.
طبعا هذه ليست بدعوة لمقاطعة الانتخابات، فالانتماء السياسي حق مكفول دستوريا، والمشاركة الواسعة في الانتخابات من شأنها قطع الطريق على من اعتادوا على المناصب والمكاسب، وبالتالي فإن الخيار الوحيد أمام المهني هو أن يكون صوته أمانة في عنقه، ومسؤولية جسيمة تستوجب الحرص والتدقيق والتمحيص.
وتأسيسا على ذلك، لا نراهن على حملات إنتخابية سابقة لأوانها ومفضوحة الأهداف. لسنا لقمة سائغة لأي كان. نصوت لمن نريد ولا نبيع ذممنا من أجل المال أو الوهم… نساهم بقدر ما نستطيع في بناء وطن قوي بمؤسساته لأننا نؤمن بأننا سنحقق آمالنا بقدر الإمكانيات المتاحة لنا.
فلنجعل كيد من يعتقدون أننا حائطا قصيرا في نحرهم عبر تعرية أساليبهم الدنيئة في استمالة أصوات السائقين المهنيين، فلسنا مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة.. حقوقنا غير قابلة للتصرف ولا التجزيء، وعقولنا عصية على الترويض والتدجين…