حاوره: أحمد الرمضاني
يعد قويدر سنوسي واحدا من الرياضيين والمثقفين والفنانين الذين بصموا الساحة الرياضية والثقافية والفنية بمدينة وجدة بحضورهم المتميز و عطاأتهم المثمرة، طيلة عقود الخمسينيات والستينيات و السبعينيات، لكنه ظل في الظل، بعيدا عن أضواء الإعلام….
ولد قويدر سنوسي بمدينة وجدة سنة 1938، التحق في بداية مشواره الرياضي، وتحديدا مع بزوغ فجر الحرية والاستقلال بفريق الهلال الأحمر الوجدي لكرة القدم، بقيادة المدرب الراحل مصطفى بلقايد (الحايل). وبعد موسم واحد في مركز قلب الهجوم، قضاه رفقة هذا الفريق، انتقل لمجاورة النجم الوجدي، الذي أصبح فيما بعد يحمل اسم الحسنية، لمدة موسم واحد كذلك.. كما كانت له أيضا تجربة قصيرة مع فريق البريد والمواصلات…
ومع مطلع عقد ستينيات القرن الماضي، تعاقد مع الاتحاد الرياضي الإسلامي الوجدي، الذي سيبرز نجمه معه كأحد أبرز لاعبي وهدافي هذا الفريق، خلال السبعة مواسم التي حمل فيها قميص “البيضة و الكحلة”… قبل أن تقوده ظروفه المهنية يصفته رجل تعليم للانتقال إلى مكناس، موسم 67 ء 68، أين جاور النادي المكناسي ولعب له بعض المباريات… وقبلها خاض سنوسي تجربة رفقة المولودية الوجدية لم تعمر طويلا، وتحديدا في الموسم الذي كان يشرف على تدريب سندباد الشرق المدرب الراحل عبد الله السطاتي…
ومن المباريات التي أبلى فيها اللاعب قويدر سنوسي البلاء الحسن، والتي تزامنت مع مباراة ودية دولية جمعت المولودية الوجدية بنادي تولوز الفرنسي، بالملعب البلدي بوجدة سنة 1966، حيث واجه فريق “ليزمو” في رفع ستار هذه المباراة، فريق الحاجب، برسم ذهاب مباراة السد لتحديد الفريق الصاعد لبطولة القسم الوطني الثاني، و دكان من ضمن المتفرجين في المدرجات وفد الضيف الفرنسي (تولوز)، نال حينها لاعب قلب الهجوم سنوسي إعجاب مدرب النادي الفرنسي قادر فيرود المدرب الشهير والكبير حينها في الجزائر وفرنسا، ما دفع بالمدرب المذكور يعرض على اللاعب الوجدي الالتحاق بالفريق إن كان يرغب في ذلك، أو سمحت له الظروف يوما القدوم إلى فرنسا…
ومن الطرائف التي ميزت اللاعب سنوسي في علاقته مع مسيري فريق “ليزمو”، أنه كان يشترط قبل أي مباراة يخوضها الفريق تواجد علبة الأدوية، كي يطمئن بتلقي الإسعافات الأولية في حال تعرضه لأي عطب أو إصابة، بالنظر إلى ظروف الممارسة في ذلك الوقت، سواء من جانب أرضية الملعب التي كانت صلبة، والخشونة والاندفاع البدني اللذين كانا يميزان اللاعبين، خصوصا أنه كان يشغل مركز قلب هجوم، الشيء الذي يجعله عرضة للتدخلات العنيفة… ومن الطرائف الأخرى، نذكر أنه حدث مرة أن سجل هدفا بضربة مقص بديعة بعد هجوم منظم، في مرمى فريق وداد فاس بملعب الأخير، لكن حكم الشرط لم يصعد إلى خط وسط الملعب، ليساير حكم الوسط في مشروعية الهدف، والسبب بقي مجهولا عند مستجوبنا، إلا بعد سنين مضت على ذلك، حين التقى سنوسي هذا الحكم وذكره بهذا الحادث، فما كان من الحكم إلى أن عبر للاعب الوجدي عن أسفه وقدم له اعتذاره عن رفضه للهدف، وبرر ذلك بكونه يقول الحكم بأنه بشدة إعجابه بالطريقة التي سجلت بها الإصابة، نسي كونه حكما مساعدا في المباراة، و بقي متسمرا في مكانه، ما أحرجه أمام حكم الوسط والفريق المضيف، ما دفعه الادعاء بوجود خطأ ما أو شرود، على حد تعبير اللاعب، نقلا عن الحكم…
وبعيدا عن مجال كرة القدم، تابع سنوسي دراسته الابتدائية بمدرسة مصطفى المشرفي بوجدة، بعدها انتقل إلى الرباط لمواصلة مشواره الدراسي، وقبيل الاستقلال، عاد إلى مسقط رأسه مدينة وجدة ليلج مجال التعليم، حيث عمل مدرسا بمدرسة ابن بسام (بفيلاج الطوبة)، في الفترة الممتدة ما بين أواخر الخمسينيات حتى موسم 66ء67 ( هذا التاريخ يحتاج إلى تدقيق).. وفي سنواته الأخيرة في هذا المجال، شغل منصب مدير بكل من جهة الريف ومدينة العيون سيدي ملوك..
وفي موضوع آخر، كانت لقويدر سنوسي اهتمامات أخرى، أبرزها الميدان الفني، من خلال ممارسته للمسرح، إذ كان عضوا نشيطا في جمعية المسرح العمالي… وتبقى أبرز الأعمال المسرحية التي شارك فيها مسرحية “ملكة غرناطة”، والتي جرى عرضها بسينما “باريز” بوجدة، حيث تقلد فيها دوري أمير ثم بطل محارب…
وخلال منتصف عقد السبعينيات، انتقل سنوسي إلى دولة الكاميرون ضمن وفد البعثة الثقافية المغربية، في مهمة امتدت حتى منتصف ثمانينيات القرن الماضي، وبحكم كون المجال الرياضي يشكل جزء ا من وجدانه، فقد عمل على تأسيس فريق للمهاجرين العرب المقيمين بالكاميرون، يضم في صفوفه مغاربة وجزائريين وتونسيين ومصريين وآخرين من جنسيات عربية ومسلمة…