عبد العزيز داودي
على بعد يوم واحد من انتهاء المدة التي حددتها وزارة الداخلية للتسجيل في اللوائح الانتخابية، والتي ستنتهي في 31 دجنر 2020، يبدو أن رهان الدولة في إقبال المواطنات والمواطنين على تسجيل أنفسهم في اللوائح الانتخابية، وبالتالي حق التصويت في الانتخابات الجماعية والتشريعبة والجهوية المزمع تنظيمها بتاريخ 21 يونيو 2021، وكل المؤشرات تدل على أن نسبة المشاركة ستكون ضعيفة، إن لم تكن كارثية، مع ما يعنيه ذلك من إفراز لنفس النخب التي دأبت على تدبير الشأن المحلي والجهوي والمركزي، وبالتالي استمرار معاناة المواطنين مع المرافق العامة، ومع نفس السياسات العمومية التي يكتوي بلهيبها المواطنون في الصحة والشغل والتعليم والسكن… بمعنى أن مقاطعة الانتخابات إن كان يعتقد البعض أنها اختبارا ثوريا على السياسات العمومية، فهي في حقيقة الأمر لن تزيد إلا من استفحال الأزمة ببنياتها المعتددة، اقتصادية وسياسية واجتماعية…
فلا ديمقراطية بدون أحزاب قوية وببرامج واضحة، ولا خيارات لتثبيت هذه الديمقراطية دون انتخابات نزيهة وشفافة، لا يستعمل فيها المال الحرام ولا تشترى فيها الذمم، وتكون مبنية على مبدإ تكافؤ الفرص. كما أن مسؤولية الأحزاب السياسية في تزكية المترشحين لانتخابات أيا كانت، مسؤولية جسيمة، تطلب منع من ثبت تورطهم في ملفات الفساد المالي والإداري من الترشح، وكذلك الشأن بالنسبة لسماسرة الانتخابات الذين اعتادوا الترشح لمرات عديدة، واعتبروا الكراسي بمثابة الدجاجة التي تلد ذهبا، ولأجل ذلك تحالفوا مع الشيطان للفوز بغنيمة ترؤس اللجان الاقتصادية والبناء والتعمير وغيرها… لا هم لهم في ذلك سوى انتفاخ البطون، وتشيبد العمارات، واقتناء البساتين والأراضي الفلاحية.
ممارسات من هذا القبيل إذن وغيرها هي من تسببت في نفور المواطنين والمواطنات عن المشاركة في الانتخابات. ولكن مع ذلك يجب قطع الطريق على أمثال هؤلاء بالتسجيل والمشاركة الواسعة في الانتخابات أملا في أن يتم فرز نخب جديدة تراعي مقاربة النوع، وتساير على الأقل التوجهات الملكية السامية في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فالمغرب لا يمكن له أن يسير بسرعتين، ولكسب رهان نموذج اقتصادي ناجع وفعال، على الكل المساهمة فيه، كل حسب موقعه وحسب الإمكانات التي يتوفر عليها. المغرب كذلك لم يعد بمقدوره تحمل كلفة الفساد الباهضة بقدر ما هو في أمس الحاجة إلى تخليق الحياة العامة عبر ترشيد النفقات العمومية، وربط جدلي للمسؤولية بالمحاسبة.