عبد العزيز داودي
من سخرية الأقدار، ومباشرة بعدما سارع نظام العسكر في الجزائر إلى تقديم ماقال عنها أنها مساعدات لموريتانيا الشقيقة قصد محاربة التجليات الاجتماعية والاقتصادية لجائحة كورونا، مع العلم أن فاقد الشيء لا يعطيه، أو بالأحرى من هم أولى بهاته المساعدات هم المواطنون الجزائريون أنفسهم، إذ لا يمكن أن يترك تبون ولده ممدودا ثم يذهب ليعزي في محمود الذي ليس هو ابنه بطبيعة الحال، لتنضاف إلى موجة السخرية ماجاء في بيان رئاسة الجمهورية الجزائرية أول أمس، والذي أشار فيه إلى نقل عبد المجيد تبون إلى ألمانيا قصد علاجه من “مضاعفات كورونا”.
خبر كهذا لا يصدق ويزيد من تغذية الإشاعات حول الوضع الصحي الحقيقي للرئيس الجزائري، فإذا كان العلاج روتينيا وحالته لا تدعو للقلق، لماذا إذن تم نقله إلى ألمانيا؟ أليست المنظومة الصحية بالجزائر هي الأفضل في دول المغرب العربي وفي إفريقيا حسب تعبير الرئيس نفسه، وبالتالي فالمستشفى العسكري لعين النعجة إذا كان لا يعالج المصابين الجزائريين، فإنه على الأقل يتكفل بالأوليغارشيا الحاكمة في الجزائر . ثم إذا كانت صحته لا تدعو للقلق لماذا امتنع التلفزيون الجزائري البارع في فبركة الصور والفيديوهات على نشر صور الرئيس وهو يمتطي الطائرة؟ هل نقل الرئيس ممددا وبالتالي خاف النظام من مطالبة الشعب بتفعيل الدستور وإعلان شغور منصب رئيس الجمهورية؟
الأكيد أن عسكر الجزائر، وعلى امتداد عقود من الزمن، بقي وفيا لعقيدته في التكتم الشديد على صحة رؤسائه وعلى إخبارهم. وطبعا الانطباع المستنتج من هذا كله أن من يحكم الجزائر فعلا هي ددائرة ضيقة تدير شؤون البلاد من وراء الستار، ولها علاقات متشعبة في النسيج الاقتصادي والاجتماعي في بلاد “الخاوا”، مع ما يعنيه ذلك من نفوذها الكبير، واستغلالها لشتى الظروف لتنفيذ أجندتها… فمرة مثلا حين يشتد الصراع داخل أجنحة النظام، يتم التضحية ببعض رموزه، ومرة أخرى يعفى عن جنرالات كانوا إلى أمد قريب محط انتقاد شديد من العسكر،. ناهيك على أن تنصيب رؤساء الجزائر لا يمكن له أن يتم بدون ضوء أخضر من العسكر، وهامش مناورات الرؤساء وصلاحياتهم محدودة جدا بالشكل الذي يجعلهم يلعبون دور الكومبارس في مسرحية رديئة الإخراج، من نتائجها المزيد من تكليخ الشعب. هذه هي الحقيقة ودائما حسب تعبير تبون: “أحب من أحب وكره من كره”.