عبد العزيز داودي
لم يكن أحد من المتتبعين للشأن السياسي يتوقع أن تحدث تغييرات جوهرية في موقف العديد من الدول العظمى بخصوص قضية الوحدة الترابية للمملكة، وبالاعتراف التاريخي للولايات المتحدة الامريكية بسيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية، بعد أن بادرت قبل ذلك القوات المسلحة الملكية بتحرير معبر الكركرات باحترافية ومهنية كبيرة، كان من نتائجها أن العملية تمت بدون خسائر بشرية تذكر، وربما هذا ما دفع بجل الدول إلى تثمين الموقف المغربي الرسمي المتمثل في تسهيل حركة تنقل الأشخاص والبضائع. انضاف إلى هذا الإنجاز الكبير الفتوحات الدبلوماسية الكبيرة التي شهدتها المنطقة والتي تمثلت في فتح العديد من الدول العربية والإفريقية والأمريكية لبعثات وقنصليات دبلوماسية لها في كل من العيون والداخلة، مع إمكانية أن تسير دول أخرى على نفس النهج، حيث، وعلى حساب ما ورد في جريدة إسبانيول الواسعة الانتشار بمدريد، ليوم الإثنين، فإن إيطاليا والبرتغال وألمانيا ستفتتح قنصليات لها في كل من الداخلة والعيون. كما أشارت تقارير إعلامية مصرية بان مصر هي الأخرى تجري الترتيبات لنفس الغرض. ناهيك عن دول الخليج كالسعودية والكويت، بل حتى قطر.
أما بريطانيا، والتي لم يسبق لها أن عارضت المواقف المغربية في مجلس الأمن الدولي، والتي تتطابق سياستها الخارجية مع سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، فيتوقع أن تحذو حذوها.
ماذا تبقى إذن لخصوم الوحدة الترابية سوى أطلال ومخلفات الحرب الباردة التي تعتقد الجزائر أنها مازالت قائمة، وتدير النزاع الإقليمي بنفس الطريقة التي كان يدير بها الرئيس الراحل الهواري بومدين والليبي معمر القذافي؟ ماذا بقي في جعبة عسكر الجزائر من خيارات سوى الاعتراف بسيادة المغرب على أراضيه، وبسحب كافة أشكال الدعم المالي والعسكري لكيان وهمي سمته الجزائر بهتانا الجمهورية الصحراوية، وصرفت عليه من أموال الشعب ما لا يعد ولا يحصى، وكانت النتيجة أن تم تأييد هذا الصراع لأزيد من أربعة عقود ونصف، مع ما يعنيه ذلك من تعطيل للتنمية وإهدار للموارد البشرية والمالية للشعوب المغاربية، التي تبقى في أمس الحاجة إلى توظيف هذه الموارد لبناء سوق مغاربية مشتركة قادرة على المنافسة في عالم لا يعترف إلا بالأقوياء، ولا مكان فيه للضعفاء ولا للكيانات الوهمية. والأكيد أن عسكر الجزائر، وبحكم عقيدته التي تبحث دائما عن الشماعة التي تبرر بها فشلها، أو التي تفتعلها لتصريف أزماتها الداخلية الخطيرة، بتصريف مواقفها السادية والشاذة أو الشاردة عن الإجماع الدولي، ضاق بها هامش المناورة، واشتد الخناق عليها داخليا وخارجيا، لأن كل المؤشرات تدل على أن ساعة النصر الشامل قد حانت، وأن مشكل النزاع الإقليمي فرجه قريب.