ربيع كنفودي
تعرف جهة الشرق ارتفاعا مهولا في عدد الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا كوفيد 19، مع تسجيل أيضا حالات وفاة بكل من الناظور، وجدة وجرسيف.
في وقت قياسي، وفي ظرف 20 إلى 30 يوما، بمعنى آخر مع مناسبة عيد الأضحى، وصل عدد الإصابات المؤكدة إلى 888 حالة، فيما كان عددها أقل بكثير، في الوقت الذي أقرت فيه الجهات المسؤولة التخفيف من الحجر الصحي، حيث صنفت جهة الشرق ضمن قائمة المنطقة 1.
ويعزى هذا الارتفاع إلى عدة أسباب، يمكن تصنيفها إلى قسمين، أسباب تتحمل مسؤوليتها السلطات المحلية والإقليمية، وأسباب أخرى يتحمل مسؤوليتها المواطن.
ففي ما يتعلق بمسؤولية السلطات المحلية والإقليمية، فلا أحد ينكر الدور التحسيسي الكبير الذي قامت به مع بداية تفشي الوباء، والذي نوه بها الجميع وصفق عليها بحرارة. وما قامت به من إجراءات، أهمها تلك المتعلقة بتحرير الملك العمومي وإخلاء الأماكن التي كانت تعرف ازدحاما كبيرا، على اعتبار أنها قد تكون من أسباب تفشي وانتشار الفيروس. لكن سرعان ما تبدد الحلم وتبخر كل شيء، وكأن شيئا لم يكن.
فمباشرة بعد التخفيف من إجراءات الحجر الصحي، فضلت السلطة المحلية العودة إلى المكاتب المكيفة، عوض الاستمرار في التواصل مع المواطن والتحسيس بمخاطر المرحلة، وعادت الأمور إلى طبيعتها وحالها الأصلي، احتلال الساحات والأرصفة، ازدحام هنا وهناك، الفوضى داخل الأسواق وخارجها، وغيرها من الأمور الأخرى، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، وما يكشف تراخي السلطات المعنية، هي تلك الحالات الوافدة التي حلت بالجهة قادمة من مناطق تعرف ارتفاعا في عدد الإصابات، منها فاس، الرباط، مراكش، الدار البيضاء وطنجة. حالات فضلت أن تقضي عطلتها بشاطئ السعيدية دون اتخاذ الإجراءات القانونية. فكيف يعقل أن تقرر السلطات المنع من السفر من وفي المدن التي صنفت في المنطقة 2، لنجدها بجهة خالية من الفيروس دون رخصة التنقل وبدون شهادة التحليلة المتعلقة بالفيروس، وأحيانا ما نجد عائلات تنقلت بدون رخصة التنقل، وهو الأمر الذي جعلنا نشهد حالات إصابة extra région بجهة الشرق.
الأمر كذلك يتعلق بالمواطن الوجدي الذي فضل التنقل إلى المناطق المذكورة، حيث كان لزاما على الجهات المسؤولة أن تفرض عليه عند العودة من هذه المدن توفر التحليلة، أو فرض العزل الصحي على المواطن وفق ما ينص عليه بروتوكول وزارة الصحة.
أما في ما يتعلق بالمواطن، فلا شك أن الاستهتار والاستهزاء واللامبالاة كانت وراء الارتفاع الصاروخي للحالات. فمبجرد التخفيف، خرج المواطن من الحجر دون الالتزام بالتدابير والإجراءات الاحترازية، خرج دون كمامة، خرج من المنزل، وفضل الجلوس في المقاهي ووسط التجمعات، خرج من المنزل وفضل التجول في الأسواق هنا وهناك دون أي سبب أو حاجة. بل الأكثر من ذلك منهم من قال أن كورونا أصلا غير موجودة ولا أساس لها من الصحة. هذا الاستهتار يرجع بالأساس إلى السبب الأول والمتعلق دائما بتراخي السلطات المحلية والإقليمية، فلو أنها قامت بزجره وفق ما ينص عليه القانون المتعلق بالكمامات لوجدناه ملتزما حريصا على تطبيق كل التدابير، وهذا للأسف ما لم يتم تفعيله حتى وصلنا لما نحن فيه الآن.
خلاصة القول، أن الخروج من الأزمة، وتفادي تسجيل عدد كبير من الإصابات، يستوجب الصرامة والالتزام، الصرامة من جهة السلطات من خلال تفعيل القوانين المتعلقة بحالة الطوارئ، والضرب من حديد لكل من سولت له نفسه أن يستهتر بروحه وروح غيره ووطنه. والتزام المواطن بأن يكون مسؤولا ويتقيد بكل الإجراءات والتدابير الاحترازية للحد من انتشار الوباء وتسجيل الإصابات وحصد الأرواح.