بقلم عبد الحفيظ حساني
“… وهو رجل”، بهاته العبارة قدمه الإمام لجموع المصلين بداية صلاة الجنازة، لم يذكر اسمه العائلي ولا حتى الشخصي… ولم يذكر انتماءه الحزبي أو صفته السياسية…
كان الرئيس داخل الصندوق الخشبي يتابع طقوس جنازته وهو يحاول الحياة من جديد… عدد الحاضرين لم يكن كبيرا كما كان يتوقع، قد يرجع الانخفاض في الحضور إلى كورونا، لكن الأكيد أن غياب الجماهير الشعبية ناتج عن منطق حكرونا… كانت جنازة رسمية باهتة وغير مهيبة، جنازة غلب عليها البروتوكول وحضور بعض المسؤولين بالإنابة، سيارات الدولة كانت حاضرة، كما حضر بعض منافسيه في الانتخابات المقبلة. عرفت هوامش المقبرة بعض النقاشات التنائية ممن حضر من الأتباع والمريدين… لم يتكلم أحد عن خصاله “الحميدة” أو صفاته الشخصية ، كان الحديث مختصرا حول من سيعوضه في منصبه، وهل ستجرى مثل موته انتخابات سابقة لأوانها؟
كان الرئيس يسمع جميع الدردشات والتطلعات، ويتأمل جميع الوجوه الحاضرة، كان يصرخ عاليا وهو يتألم ويحاول التعريف بنفسه: :أنا الرئيس واش معرفتونيش!!!”.
بدأ يحس ببعض الرجات والاهتزازات وتعالت أصوات الفقهاء بالتلاوة وبالدعاء: “اللهم إن صاحبنا قد نزل إليك وخلف الدنيا وراء ظهره وافتقر الى ما عندك …”.
أدرك أنه نازل إلى الحفرة، حاول استعمال هاتفه الذكي لينقذ الموقف، لكن الأرقام التي طلبها غير موجودة… وبدأ يتصفح الواتساب ولم يجد غير رسالة واحدة منقولة “اللهم ارزق ذويه وأهله جميل الصبر والسلوان، وارزق جميع الرؤساء الصبر الجميل بسبب القرار الأخير للسيد الوزير بوقف جميع الصفقات وفتح الأظرفة…. فتح الصندوق وأنزل منه الرجل الميت….
قد تكون جنازة سوريالية لكنها جنازة سياسية وانتخابية حقيقية… إلى المقبرة، وبلغة البولتيك إلى “مزبلة التاريخ”.
