بقلم شرف مركوم
تعتبر الدعارة من بين الظواهر الحساسة والخطيرة في نفس الوقت، ولا أدري لماذا أصبحت لصيقة بسمعة المرأة المغربية بالتحديد بمختلف بِقاع العالم..
لقد أصبحت دعارة المغربيات بالخارج بالنسبة لفئة واقعاً يجب النظر إليه برؤية اجتماعية وسياسية تعالج الظاهرة من الأصل، أما الفئة الأخرى فمصرة على أنها مجرد محاولات فاشلة للمزايدة على المرأة المغربية عموماً، وتلويث سمعتها، وأخيراً إلحاق الضرر بصيتها وبسمعة المغرب ككل.
يُتداول موضوع “دعارة المغربيات” بالخارج بكثرة، سواء في الصحف المغربية أوالعربية، وتزيد وتيرة تردده عند انفجار شرارة أي قضية تمس بهذا الشأن..
وإذا أمعنا النظر من عدة زوايا، فهناك نسبة من النساء هن ضحايا لتوقيع عقود للعمل في عدة دول ضمن مهن معينة، ليجدن أنفسهن مجبرات على ممارسة الدعارة، والفخ نفسه يُنصب للكثيرات منهن، حيث يتم تسفيرهن إلى دول الخليج، وأخيرا إلى إفريقيا بغرض العمل في مهن الحلاقة والفندقة… ليُلقى بهن عُنوة وبإجبار في أحضان البغاء والدعارة، دون أن نغفل أن هناك تقارير تشير إلى أن البعض منهن يقمن بذلك برغبة كاملة ودون إجبار، وذلك عبر عدة مناطق من العالم، بلْ وتم نقلهن إلى إسرائيل كذلك…
– مراقبة سفر المغربيات نحو الخليج:
اعتمدت مكاتب العمل بالمملكة العربية السعودية “كِبر السن” كشرط لاستقدام خادمات البيوت من المغرب، على أن تتجاوز أعمارهن 45 عاما، وهذا ما يشير في محتواه إلى عين الريبة التي تنظر بها السلطات السعودية إلى المرأة المغربية، والتي بررت هذه الإجراء بأنه “تفادياً للمشاكل الأسرية والاجتماعية التي تقع داخل العائلات السعودية عند استقدام عاملات صغيرات السن…
– دعارة مغربية في إفريقيا:
قالت نوال بوعتارس:وهي أستاذة للغة الفرنسية في فاس، في تصريح لها: “إن مايتردد عن دعارة المغربيات شيء مقرف ويطعن في شرف المرأة المغربية”، مضيفة “أنا كامرأة ومواطنة مغربية، أستنكر هذه الظاهرة الشنعاء، لأنها تمس بالكرامة وتشوه صورة المرأة المغربية..”.
وأصرت بأن “أغلب المغربيات تمّ استغلالهن كعاهرات في الشقق المفروشة بعد حصولهن على تأشيرات سياحية للعمل في محلات للتدليك أو كفنانات في النوادي الليلية، وهذا يعني أن هناك مغربيات ضحايا، وليست كل مغربية تُمارس البغاء بمحض إرادتها. وهذا لا ينفي طبعاً أن هناك مغربيات يمتهن الدعارة بمحض إرادتهن، الشيء الذي أمقته شخصياًَ لأن لحم البشر لمْ يُخلق للتجارة وليس بضاعة للبيع”.
– استلزام تدخل حقوقي نظراً لحساسية هذه القضية:
وجاء في تصريح لرئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، عبد الرحيم السليمي: “القضية حقوقية وليست أخلاقية كما يتصورها البعض، إذ لا يمكن إطلاق هذا المفهوم بهذا المشكل “دعارة المغربيات”، لأنه مفهوم بات يوظف فقط للمس بصورة المغربيات والمغرب، فالأمر يتعلق باستغلال المغربيات”. مؤكداً في الوقت ذاته بأن “المعلومات المتوفرة من خلال شهادات ميدانية أو حالات عرضت أمام القضاء تُبين أن فئة كبيرة من المغربيات وقعن في فخ شبكات متعددة الجنسيات، عربية وإفريقية، فأغلبهن وصلن بعقود وهمية، لأنه لا يمكن مغادرة المغرب أو الدخول إلى دولة خليجية أو حتى إفريقية بدون تأشيرة تبنى على “عقد عمل”.
وأوضح أيضا أن جزءا كبيرا من المغربيات هن ضحية، والمسؤولية تتحملها جهات مختلفة، بما فيها دول الاستقبال، فالفئة المعنية هن فتيات لا زلن في العشرينات لهن طلب مادي واقتصادي جعلهن يسقطن في شبكات إجرامية… وهناك شهادات صادمة في هذا المجال لمغربيات عشن في دول الخليج او بعض الدول الأخرى… والحديث هنا عن مغربيات في إفريقيا. والمغزى هنا هو أن “شبكات التهجير واستغلال المغربيات تتوسع…”.
وأشار أيضاً إلى أن هذه القضية أو هذا الموضوع مفتوح للنقاش في المغرب، ولكنه لم ينتقل إلى المؤسسات المختصة بشكل ملموس وتطبيقي، وإلى الحكومة أيضا، وحتى البرلمان، وهناك مسؤولية للحكومات المتعاقبة في هذا المجال، فهي حكومات تهتم بالمرأة المغربية الموجودة في الدار البيضاء والرباط… ولا تحمل مشروعاً لحماية المرأة المغربية الموجودة في الخارج.