الصديق كبوري
حسب معطيات توصلنا بها من مصادر مقربة، فقد أصبح إقليم فجيج يتوفر على 15 مدرسة جماعاتية تم انشاؤها في جماعات الإقليم التي تمتد على مساحة شاسعة تقدر ب 56 ألف كلم مربع، بهدف تنويع مصادر العلم والمعرفة، وبغية إيجاد حلول ناجعة للهدر المدرسي الذي يمس بشكل واسع أبناء الرحل والعالم القروي، ولجعل التلميذ كمحور للعملية التعليمية والتعلمية، خاصة وأن إقليم فجيج الذي يتبوأ مراكز الصدارة بالنسبة لخريطة الفقر، ويسجل نسبة عالية من الأمية على المستوى الوطني استنادا إلى مصادر رسمية.
ومن المعلوم أن المدارس الجماعاتية أو المندمجة أو المركبات التربوية كما يحلو للبعض تسميها، هي مؤسسات تعليمية تتوفر على عدة مرافق مثل الداخلية الخاصة بإقامة التلاميذ والتلميذات والمطاعم وقاعات الإعلاميات والمطالعة، ومساكن خاصة بالمدرسين، وقاعات للترفيه، ويشترط أن تشيد هذه المدارس بالقرب من التجمعات السكنية التي تتوفر على المستلزمات الضرورية للحياة من ماء وكهرباء وبنيات أساسية. وقد سبقت بعض الدول في أوروبا وإفريقيا وأمريكا مثل السينغال وهولندا وكندا إلى اعتماد هذه التجربة، وعمل المغرب على استنساخها دون مراعاة الخصوصيات الثقافية. كما تجدر الإشارة أن أولى التجارب الرائدة للمدرسة الجماعاتية انطلقت من إقليم فجيج، ونقصد المدرسة الجماعاتية بمعتركة، هذه الأخيرة التي تم إحداثها بعد فشل ما سمي بالمدرسة الخيمة، وهو المشروع الذي مول من طرف الاتحاد الأوروبي وتحوم حوله شبهات الفساد وتبذير المال العام.
تعاني المدارس الجماعاتية بإقليم فجيج من مشاكل لا حصر لها، وهو ما يجعل المردودية ضعيفة، مما يساهم في الانقطاع عن الدراسة في وقت مبكر. وقد لخص أحد الفاعلين التربويين المشاكل التي تعاني منها هذه المدارس في غياب الإطار الخاص بالمدارس الجماعاتية، وغياب ترسانة قانونية تلزم الأولياء بإرسال أبنائهم للمدرسة، وغياب أطر إدارية وملحقين اقتصاديين واجتماعيين وتربويين وحراس عامين وأعوان النظافة والحراسة. إذ أن بعض المدارس هي مجرد بنايات من الإسمنت ليس إلا.
فبالنسبة لجماعة الطراريد، فهي غير مستغلة، ولا يستفيد التلاميذ من الإقامة والإطعام لانعدام الربط بالكهرباء والماء، وبخصوص المدرسة الجماعاتية إدريس الأول بتالسينت، فهي تعاني من قلة الأطر، كما أن الساكنة ترفض التحاق أبنائها وبناتها، ورغم إحداث النقل المدرسي، فإنه خاص بنقل تلاميذ الدواوير القريبة، أما البعيدة فإن تلامذتها محرومون من النقل، أما المدرسة الجماعاتية مولاي علي الشريف، فلا علاقة لها بالمدارس الجماعاتية إلا الإسم، كما أكدت مصادرنا، أما بجماعة بومريم فالمدرسة الجماعاتية هناك عبارة عن مجموعة مدرسية فقط، حيث إن االمدرسة رغم توفرها على داخلية ومعدات المدرسة الجماعاتية، إلا أن القسم الداخلي لا يستقبل أي تلميذ.
أما في جماعة بوشاون، فهناك مدرستان جماعيتان بكل من المظل وأنوال، وتعانيان من نفس المشاكل التي تعانيها باقي المدارس الجماعاتية. أما المدرسة الجماعاتية بجماعة بني كيل، فهي تعاني من الاكتظاظ ونقص الأطر، وقس على ذلك باقي المدارس الجماعاتية.
وإجمالا، يمكن القول أن تجربة المدارس الجماعاتية بإقليم فجيج بحاجة إلى تقييم شامل يساهم فيه الجميع، حتى تستطيع تحقيق أهدافها المسطرة، وتنزيل الأحلام الوردية التي بشرت بها، لأنه في غياب الموارد البشرية الكافية، وفي ظل انعدام البنيات والتجهيزات الضرورية، وأمام نقص الاعتمادات المالية المرصودة، وضعف انخراط الدولة والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والمجتمع المدني في النهوض بها، فإن هذه المدارس الجماعاتية ستتحول إلى مراكز للاحتجاز أو الاستقبال في أحسن الاحوال، وستعجز عن أداء أدوارها التربوية والتعليمية المنوطة بها، ووقف نزيف الهدر المدرسي، وضمان حق أبناء الرحل والعالم القروي في التمدرس المجاني والجيد.