عبد القادر بوراص
“أن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام“.. ترددت هاته العبارة على مسامعنا أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة، لكننا لم نع معناها الحقيقي إلا حين قررنا أن نواجه القبح بالجمال، قبح كوفيد – 19 بجمال الفكرة، فكرة تكتل مؤسساتنا بدل تباعدها، فكرة إفساح المجال أمام تلامذتنا ليعبروا عما يخالج وجدانهم من أحاسيس، وفكرة خلق فضاء للترفيه والمنافسة حين أغلقت كل الفضاءات…”.. كان هذا مقتطف من الكلمة الافتتاحية التي ألقاها الشاب المتميز محمد الهدار في الحفل الرمزي الذي احتضنته مؤسسة السبيل للتعليم الخصوصي، يوم السبت 14 نونبر الجاري، بعاصمة الليمون بركان، في التزام تام بكافة التدابير الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا المستجد، تم خلاله الإعلان عن النتائج النهائية للدورة الأولى للمسابقة الإبداعية الافتراضية كوفيد- 19، لمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي بالمديرية الإقليمية للتربية والتكوين ببركان، التي تمت تحت شعار: “في الحجر إبداع“، من 07 يونيو 2020 وإلى غاية الـ 21 منه.
وأضاف ذات المتحدث أن المسابقة خلقت جوا من الحماس الكبير لدى المتعلمين خلال فترة الحجر الصحي، الفترة التي تابع فيها التلاميذ دراستهم عن بعد، وكانوا في أمس الحاجة إلى ما يبعث في نفوسهم الحيوية والنشاط، ويخرجهم من بوتقة السآمة والضجر والروتين، ولم يتحقق ذلك إلا بتنظيم هاته المسابقة الفنية التربوية والثقافية الهادفة والبناءة، والتي ساهم في إنجاحها بشكل كبير مؤسسو التعليم المدرسي الخصوصي ومديروها ومنسقو المسابقة وآباء وأمهات التلاميذ والمتعلمون والمتعلمات، فضلا عن أعضاء لجنة التحكيم.
وهنأ الهدار عاليا في ختام كلمته كل الفائزات والفائزين في المسابقة، مشيرا إلى أن الفائز الأكبر هو المؤسسات التعليمية الخصوصية بالإقليم، مع تقديم الشكر والتقدير لكل المشاركين والمساهمين في إنجاح هاته الدورة التي مهدت الطريق نحو دورات مقبلة أخرى.
وعن هاته المسابقة، قال ممثل لجنة التحكيم المبدع يحي بن فارس أنه “جرت العادة في التظاهرات الفنية التنافسية العادية أن تجتمع لجنة تحكيم المسابقة الرسمية لتتداول وتناقش وتحسم في الإنتاجات المقدمة، لإنجاز بعد ذلك تقريرا مفصلا يتضمن الملاحظات والإرشادات والتوصيات، ويعرض النتائج والاستحقاقات الخاصة بالأفراد والفرق، لكننا في ظل الجائحة التي تجثم على أنفسنا جميعا، بات لزاما علينا أن نكيف أنفسنا وفق ما تقتضيه الظرفية وما يستوجبه الوضع من تباعد وعزلة وحيطة وحذر”.
وأضاف ذ. بنفارس أنه “أمام هذا الوضع القائم، كانت مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي ببركان سباقة إلى التفكير في كيفية التواصل الدائم مع المتعلمات والمتعلمين وأسرهم، تواصل حافظ على جسور المحبة والمعرفة، وكسر الرهبة التي فرضتها الجائحة والتزاماتها، وأرسى في المقابل روابط ووشائج التلاحم والتضامن غير المسبوق بين مؤسسات التعليم الخصوصي، ولم يكن الكوفيد بكل ثقله وهوله عقبة، بقدر ما كان حافزا وملهما وداعيا للإبداع والخلق والإمتاع”.
وعاش أعضاء لجنة التحكيم، بحسب ممثلها ذ. بنفارس، لحظات المسابقة بكل أطوارها وفئاتها، بأحاسيس جياشة وشغف
متناه، مشدودين إلى مستوى التعبير ورقي الخيال، وطرق إعمال الرصيد المعرفي المرتبط بالجائحة، والذي كان التخوف من أن يكون تصديره كتيمة المسابقة عائقا أمام خيال الأطفال وإبداعاتهم، إلا أنه هو الآخر جاء مجسدا في كل المواضيع والإنتاجات التي لامست جل فنون الأداء، وكافة أشكال الفرجة والتعبير. مشيرا إلى أن الأطفال قد نجحوا في استلهام أفكارهم من راهنهم المحيط، موظفين تراث مدينتهم وفنونها الشعبية، وما تزخر به المنطقة في فن الطبخ والإعداد والتزيين والتقديم.
أما عن صيغة التداول عن بعد التي اشتغلت بها لجنة التحكيم، والتي شملت لفيفا من الفنانين والمبدعين من مختلف الأقطار العربية، يبرز المبدع ذ. بنفارس، فكان من ورائها تحقيق أهداف نبيلة، رسمتها اللجنة المنظمة باحترافية وحس مهني عاليين:
– أولها التعريف بالتعليم المدرسي الخصوصي ومستوى عطائه وإشعاعه، إقليميا، جهويا، وطنيا، عربيا، وحتى دوليا، من خلال إبداعات الأطفال وانخراطهم العفوي.
– منح إشارات واضحة أن التنافسية في التعليم المدرسي الخصوصي ببركان لا تنحصر في ما هو مادي، وإنما تشمل ما هو فكري، اجتماعي، إنساني وفني.
– أن الغاية من المسابقة ليس التنافس على الرتب والجوائز، وإنما التحفيز على الخلق والإبداع والابتكار، والتفكير في السبل التي تجعل أبناءنا ميالين إلى إعمال خيالهم، والرقي بأذواقهم في رحابة الفن والجمال.
– أن هاته المسابقة لا تشكل إلا بداية البداية لانطلاق برامج تستهدف المجال الرياضي والفني والعلمي لترقى بالحياة المدرسية بمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي ببركان في امتحان الإجماع على فكرة المسابقة تطريزا وتنزيلا.
وتوجت فعاليات هذا الحفل الناجح بامتياز الذي نشط فقراته بمهارة عالية المبدع المتألق ذ. الحسن مختاري، وهو مهندس تصميم بنيان هاته المسابقة وإخراجها إلى حيز الوجود كاملة ومتكاملة، (توجت) بتكريم مجموعة من أعضاء لجنة التحكيم، إلى جانب جميع مديري ومشرفي مؤسسات التعليم الخصوصي، والذين نابوا في الوقت ذاته عن تسلم جوائز تلامذتهم الفائزين في المسابقة.