يكتبها: زهر الدين طيبي
يبدو جليا من خلال الأرقام المسجلة مؤخرا بمدينة وجدة بشكل خاص، وجهة الشرق بشكل عام، أننا دخلنا دائرة الخطر، ولا شك أن الإجراءات الأخيرة التي أقدمت عليها السلطات المحلية تؤكد هذا الطرح.
وقبل الخوض في أسباب تفشي هذا الوباء بالجهة والأرقام القياسية المقلقة، نتساءل هل تتوفر جهة الشرق على البنيات الصحية المؤهلة لمواجهة كل هذه الأعداد، وهل تتوفر مستشفياتها على الأدوية والأسرة والأطقم الطبية لمواجهة تدفق عدد المصابين المحتمل؟.
من المؤسف حقا تسجيل كل هذا التراخي في مواجهة جائحة كوفيد 19 من قبل المواطنين والسلطات على حد سواء، إذ لا يخفى على أحد ومنذ مدة، ما يحدث في أسواق القرب والأسواق الأسبوعية، وكذلك المقاهي من ازدحام للمواطنين دون أية إجراءات احترازية للتباعد ولا أقنعة، كما أن كل هذا كان يحدث أمام أعين الجميع من أمن وسلطات محلية، بل أن الإجراءات المتخذة على مستوى مدينة وجدة أخيرا جاءت متأخرة نسبيا مقارنة مع مدن لم تسجل نفس الأعداد، ومع ذلك بادرت لاتخاذ إجراءات أكثر تشددا.
وإذا كان هذا الأمر يمثل جزء من دواعي تفشي الداء، والوصول لهذه الأرقام المقلقة بجهة الشرق، فإن مشكل الإعلان عن نتائج الاختبارات المتأخر جدا حيث يصل في بعض الأحيان لأكثر من خمسة أيام، ودون قيام المعنيين بأية إجراءات للحجر قد ساهم في انتشار عدد المصابين وانتقال العدوى، والحال أن السلطات المغربية كانت تطالب الوافدين على المملكة باختبارين يكونا قد أنجزا قبل 48 ساعة، قبل أن تخفف الأمر، وتعتمد اختبارا واحدا في ظرف 72 ساعة على أبعد تقدير.
صحيح بأن عدد الفحوصات الخاصة بالكشف عن المرض ارتفع، وكان عدد المخالطين يزداد كل يوم بازدياد عدد المصابين، إلا أن هذا لا يجب أن يكون عذرا أقبح من الزلة. المطلوب في مثل هذه الجائحة الإعلان السريع عن النتائج وإلزامية الحجر الكلي للمعنيين في انتظار النتائج، حتى لا يتم نقل العدوى في حالة إيجابية الاختبار. أما على مستوى الاستشفاء فالأمر يدعو لقلق أكبر، بالنظر لعدد حالات التعافي الذي لا يتجاوز 60% بمدينة وجدة وهو رقم ضعيف مقارنة مع المعدل الوطني للتعافي الذي وصل إلى 82%، كما أن نسبة الفتك تبقى جد مرتفعة بنسبة 4,7% مقارنة مع معدل وطني رغم ارتفاعه لا يتجاوز 1,7 % ، حيث وصل عدد الوفيات إلى 10 وفيات في يوم واحد بوجدة، وهو ما يطرح سؤال الظروف الصحية بمستشفى الفارابي بوجدة، خاصة مع تناسل الرسائل عبر شبكات التواصل الاجتماعي التي تتحدث عن الإهمال وعن نقص حاد في الأدوية ومخزون الأوكسجين. المشكل أن المرضى تركوا لحالهم دون أكل ولا أدوية ولا حتى مساعدات طبية في بعض الحالات، حسب تصريح العديد من أسر المرضى المصابين بكورونا، وأيضا بالنظر إلى سؤال المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية بجهة الشرق للوزير الوصي حول النقص الحاد في الأدوية الخاصة بعلاج مرضى كوفيد 19 على مستوى مستشفيات جهة الشرق.
بدوره وجه النائب البرلماني عمر حجيرة عن حزب الاستقلال سؤالا كتابيا إلى وزير الصحة يطلب منه إيفاد لجنة بشكل استعجالي لرصد حاجيات مستشفيات وجدة، والوقوف على الخصاص الكبير بها. في جميع الأحوال الوضعية أصبحت مقلقة جدا وتحتاج لفتح تحقيق في الموضوع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
طبعا، نحن لا نبخس الجهود التي تقوم بها السلطات المحلية والمصالح الطبية، وهذه الوقفة الأولية في وضعنا الكارثي، لا تمنعنا من رفع القبعة عاليا لكل الأطقم الصحية التي تشتغل بضميرها جاهدة لإنقاذ المرضى، ولكل المتواجدين في الصفوف الأمامية لمواجهة هذه الجائحة التي تجتازها بلادنا، إلا أننا ندعو جميع الفاعلين لتحمل مسؤولياتهم فيما يحدث بجهة الشرق ومدينة وجدة بشكل خاص، باعتبارها مركز الجهة الذي يضم المستشفى الجامعي.
الدعوة موجهة أيضا لكل للمواطنات والمواطنين للتحلي بروح المسؤولية والالتزام بالإجراءات الاحترازية تفاديا للأسوء.