عبد القادر بوراص
فتحت المقاهي والمطاعم أبوابها لاستقبال روادها وزبائنها بعد إغلاق طويل دام ثلاثة أشهر، أثر سلبا على مهنيي القطاع..
جولة قادتنا في زيارة ميدانية لمجموعة من المقاهي والمطاعم على مستوى إقليمي بركان والناظور، سلطنا من خلالها كشافات الضوء على مدى احترام الإجراءات والتدابير الاحترازية التي أقرتها السلطات العمومية.. وكانت البداية من قرية لمريس، حيث فضلت بعض الأسر تناول وجباتها الغذائية المفضلة بها في جو عائلي بهيج، زاده مستخدمو مطعم شلبي بهجة بترحابهم اللا محدود.. ولم يتردد أحد الزبائن بالحديث إلى مكروفون ”الحدث الشرقي” قائلا: “شروط السلامة الصحية وتدابير الوقاية متوفرة بشكل مرضي، حيث مواد التعقيم وضعت في جميع المرافق الصحية وبمداخل الأبواب، والخدمات في المستوى المطلوب وبطريقة تحترم الإجراءات الوقائية”.
وبمصطاف الجوهرة الزرقاء “السعيدية”، عرفت المقاهي والمطاعم المصطفة جنبا إلى جنب على طول الكورنيش، والمطلة على البحر، يوم الأحد 28 يونيو، توافد عدد لا بأس به من المواطنين، من الجنسين وبمختلف فئاتهم العمرية.
الفضول دفعنا لزيارة إحدى المقاهي العصرية بوسط المدينة، حيث أكدت صاحبتها بشرى سنوسي على تمسكها بشروط النظافة كاملة، من مطهرات وكحول، مع الالتزام بمبدإ التباعد في الجلوس، حيث إن نسبة الملإ لا تتجاوز الخمسين في المائة، كما أن مستخدميها يشتغلون طبق التعليمات الواردة في قرار السلطات العمومية، من ارتداء للكمامات الوقائية والقفازات.
بشرى سنوسي مثال للمرأة المستثمرة الناجحة، تشرف على تسيير مشروعها بنفسها، قريبة من مستخدميها، حيث لم تتوان في أداء أجورهم خلال فترة إغلاق المقاهي والمطاعم بسبب حالة الطوارئ والحجر الصحي.
المقاهي والمطاعم بالجوهرة الزرقاء “السعيدية” تبدو في منتهى النقاء بعد أن حرص المستخدمون بها على ضمان نظافة المكان وأدوات العمل، مع الالتزام باستقبال 50 في المائة فقط من طاقاتها الاستيعابية بناء على قرار السلطات العمومية.
وحول ظاهرة ارتفاع أثمنة المشروبات والمأكولات الخفيفة وكراء الشقق بمدينة السعيدية، فندت الناشطة الجمعوية والإعلامية نزيهة مشيش ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي في هذا الشأن، مؤكدة أن الأثمنة مناسبة وفي متناول الجميع، بما فيها أسعار كراء الشقق والمنازل، وذلك مراعاة للظروف الصعبة التي خلفتها جائحة كورونا، دون أن تفوتها عملية الترحيب بضيوف الجوهرة الزرقاء..
مقهى ومطعم مختص في المأكولات الخفيفة بحي طنجة استأنف هو الآخر نشاطه بكل همة ونشاط، نادلات كالفراشات ينتقلن بين الطاولات المؤثثة لفضاء المقهى بنظام بديع، وفي ركن قصي بواجهة المطعم، استقر رجل وامرأة مختصان في إعداد “لمسمن” و “الحرشة” و”السفنج” بمهارة عالية، جعلتهما يستقطبان الكثير من الزبائن.
صاحب المقهى والمطعم الشاب رشيد، المعروف بطيبوبته وابتسامته التي لا تفارق ثغره، عبر بلهجة لا تخلو من تحسر وأسى عن معاناته الكبيرة التي خلفتها فترة الإغلاق، معاناة زادتها مستحقات الكراء وغيرها من المصاريف المختلفة الأخرى، داعيا المسؤولين إلى ضرورة مساعدة مهنيي القطاع المتضررين.
المطعم الشعبي المحاذي لمحطة سيارات الأجرة الكبيرة المختص في شي السردين، كان قبلة لعدد من الأسر المولعة بهذه الوجبة الشهية والزهيدة الثمن، تأثر هو أيضا بعملية الإغلاق، ولكن صاحبه الشاب عبد الرحيم بدا متفائلا وهو يجدد العهد مع رواد مطعمه الأوفياء، يسارع إلى خدمتهم ببشاشة لا محدودة، ويعمل جاهدا على إرضائهم بتقديم طبق عدس أو فاصوليا مجانا.
أمام الصنبور الوحيد المخصص لغسل اليدين، وضع قنينتي تعقيم وورق نظافة. تباعد محمود بين الطاولات وجل الزبائن فضلوا الجلوس في الهواء الطلق، فيما انزوى شاب ومرافقته داخل المطعم الضيق الذي لا يتسع لأكثر من أربع طاولات.
مقهى سيدي مبارك بمدينة أحفير الحدودية، والمطلة على فيلاج “بوكانون” الجزائري، امتلأت كراسيها عن آخرها بزبنائها المعتادين الذين يفضلون الاختلاء بهذا المكان الهادئ، وتمتيع نظرهم بجمال وسحر الطبيعة الممتدة على جنبات وادي كيس، الفاصل بين الترابين المغربي والجزائري.
هنالك التقينا بالسي مصطفى التيزاوي، أحد قدماء أبناء مدينة أحفير الحدودية، والذي تحدث عن وضع المقاهي بعد رفع الحجر الصحي قائلا: “لا بد في البداية أن أثمن الإجراءات الاستباقية التي اتخذتها الحكومة المغربية لمنع تفشي فيروس كورونا، والتي كانت نتائجها إيجابية للغاية، وسمحت برفع حالة الطوارئ والحجر الصحي”، مضيفا أن “المقاهي شرعت في عملها بشكل عادي، ممتثلة للشروط التي تضمنها قرار السلطات العمومية تجنبا لظهور حالات إصابة غير متوقعة”.
رأس الماء استعادت عافيتها بشكل كامل، حيث إن المطاعم المعروفة بوجباتها الشهية من الأسماك، بمختلف أنواعها وأحجامها، عرفت ملئا بنسبة 100 في المائة، حتى إن مواقف السيارات ضاقت بعددها.
مع هذا العدد الهائل، لا بد من التساؤل حول مدى تطبيق هذه المطاعم للتدابير الاحترازية التي أقرتها السلطات العمومية.. وكان الجواب من صاحب مطعم مرحبا محمد بوستة، الذي أشار في البداية إلى الأزمة الخانقة التي مر بها القطاع طيلة فترة الإغلاق، قبل أن يستبشر خيرا باستئناف العمل في ظروف جيدة ومشجعة توحي بأن قطاع المطاعم سيتعافى دون شك، وستعود المياه إلى مجاريها كما كانت من قبل أو أفضل.
المطعم نظيف للغاية ومواد النظافة والتعقيم تحت تصرف الزبائن، والطباخون والنوادل وباقي المستخدمين ملتزمون، كل الالتزام، بشروط النظافة والوقاية، والطاولات اصطفت داخل المطعم وخارجه في احترام تام لمسافة التباعد.
المصطافون بهذا الشاطئ المغري احترموا عملية التباعد في الجانب الشرقي، فيما ساد ازدحام كبير دون الالتزام بأدنى شروط الوقاية في المنطقة المطلة على الجزر المحتلة.
بحامة فزوان المعدنية رواج محتشم على غير العادة مع نهاية الأسبوع. قدور الحلزون فاحت بعطر توابلها ونباتاتها العطرية، وزوار جلهم عائلات تنحدر من إقليمي وجدة – انكاد وبركان جاؤوا لاستراق أويقات جميلة بهذه الحامة بعد أسابيع مملة ورتيبة قضوها مكرهين داخل أسوار بيوتهم.
حالة المطاعم هنالك لخصها صاحب مقهى ومطعم شعبي في العمل على تنظيف وتعقيم المكان بطريقة دؤوبة، مع جعل المعقمات والمطهرات في متناول الزوار، واحترام عملية التباعد.
ويبقى ان نقول بأن السوائل الكحولية المطهرة والحصائر المعقمة حاضرة بقوة بمدخل كل المقاهي والمطاعم التي قمنا بزيارتها، وهي تحت تصرف الجميع .. والزبائن ملتزمون بشروط الوقاية من خلال ارتدائهم للكمامات الواقية، واحترام مسافة التباعد.
وكان بلاغ مشترك لوزارة الداخلية ووزارة الصحة ووزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، قد أقر مجموعة من الإجراء ت والتدابير لتأطير المرحلة الثانية من “مخطط تخفيف الحجر الصحي” ابتداء من 24 يونيو الجاري عند منتصف الليل، منها السماح للمقاهي والمطاعم بتقديم خدماتها في عين المكان، مع عدم تجاوز نسبة 50 في المائة من طاقتها الاستيعابية، واستئناف الأنشطة التجارية بكل من المراكز التجارية والمجمعات التجارية الكبرى والقيساريات؛ وفق شروط محددة.