بقلم الدكتور إسماعيل الفيلالي
يبدو أن مطلب الادماج في الوظيفة العمومية الذي كان يطالب به الأساتذة المتعاقدون، أو ما أصبح يطلق عليهم أطر موظفي الأكاديميات، أصبح صعب المنال مع جائحة كورونا، فها هو الفوج الخامس يجتاز المباراة، حيث بلغ عدد المترشحين لها 288 ألف مترشح، وهو رقم قياسي منذ انطلاق العمل بالتعاقد سنة 2016، فيما لا يتعدى عدد المناصب المطلوبة سوى 17 ألف فقط…!!!
والجديد هذه السنة أن الوزارة أضافت للأطر التربوية التي ستلتحق بالأقسام للتدريس، أطرا إدارية، منها الملحقون التربويون وملحقو الاقتصاد والإدارة والملحقون الاجتماعيون… هذا الإقبال الكبير على مباريات التوظيف بالتعاقد أصبح في تزايد كبير، وهو الأمر الذي يوضح بجلاء بأن الشباب لم يجدوا أمامهم سوى هذا الباب للحصول على وظيفة، حتى وإن كانت بالتعاقد، خير من البطالة والعطالة التي أصبح يعيشها الشباب المغربي، حيث بلغت نسبة البطالة 13 في المئة، وهي نسبة ليست بالهينة… وهذا ما أصبح يعزز البحث عن الهجرة خارج أرض الوطن، ومعانقة قوارب الموت في البحر المتوسط والمحيط الأطلسي….
ويُنتظر أن يصل عدد الأساتذة المتعاقدين إلى أكثر من 100 ألف أستاذة وأستاذ بعد مباشرة الأساتذة الناجحين في المباراة الأخيرة لعملهم. وهذا ما سيجعل العدد يتزايد مع السنوات القادمة، مما سيجعل منهم قوة ضاربة في قطاع التعليم… لذلك يجب أن يوجد الحل في أقرب الآجال، خاصة بعد تصريح وزير المالية الذي لا يرى مانعا في ترسيم أساتذة التعاقد. يكفي أن يحصل توافق حول الموضوع في إطار الحوار القطاعي بوزارة التربية الوطنية، لأن التوظيف بالتعاقد ستكون له عواقب وخيمة على جودة التعليم في المغرب، وسيساهم في تكريس رداءته.
وكما هو معلوم عند الجميع، أنه كل ما تنتهي المباراة ويلتحق المتعاقدون بمراكز التكوين، يلتفت المسؤولون في القطاع إلى التعويضات المالية الكبيرة التي يتقاضاها الوزير ومديرو المديريات المركزية والمركز الوطني للامتحانات ومديرو الأكاديميات والمديرون الإقليميون ورؤساء المراكز الجهوية للتربية والتكوين والمفتشون ورؤساء الأقسام ورؤساء المراكز الجهوية والإقليمية للامتحانات، ورؤساء الأقسام والمصالح بالأكاديميات والمديريات، والتي تقدر بالملايير عقب امتحانات توظيف المتعاقدين… وهذه الأموال كفيلة بتوظيف آلاف الشباب المعطلين الحاملين للشواهد التعليمية… يضاف إلى هذه التعويضات بطبيعة الحال تعويضات امتحانات البكالوريا والامتحان الجهوي والامتحانات الإشهادية والامتحانات المهنية ومباراة المفتشين التي تقدر فيها التعويضات بالملايير، هذا بالإضافة إلى الإكراميات المنتفخة التي يحصل عليها الآمرون بالصرف (تحت الطاولة) من المستفيدين من صفقات التجهيز والتموين…!!!
إنهم يخدمون جيوبهم ومصالحهم الشخصية، ويتحكمون في ميزانيات ضخمة تعد بالملايير، لو تم استغلالها في خدمة التعليم لكان الوضع أحسن بكثير مما هو عليه الآن، ولكن يبدو أنه لا حياة لمن تنادي، خاصة حينما يموت الضمير و يغيب الإحساس الحقيقي والصادق بالوطن…