بقلم أحمد عامر
تعيش الجماعات الترابية هذه الأيام هجوما شرسا يستهدف فرملتها والحد من صلاحياتها وتقليصها عبر تناسل العديد من الدوريات والمراسلات تصب جميعها في منحى تقليص اختصاصاتها، وتقزيم مبدأ التدبير الحر، وهي مؤشرات سلبية أقل ما يقال عنها مسعى للعودة القوية لسلطة الوصاية، بعد أن قلصتها القوانين التنظيمية للجماعات الترابية، وحولتها إلى سلطة للرقابة الإدارية، ينحصر دورها في مراقبة مشروعية القرارات والقوانين الصادرة عن المجالس المنتخبة، بل حتى صلاحيات التأشير حددتها في زمن محدود.
هذا الوضع الجديد يستدعي من الفاعلين السياسيين التصدي له ورفضه لأنه شكل من أشكال تقييد عمل الجماعات الترابية، ومسعى لسحبه من الجماعات صراحة للعديد من الاختصاصات، وتضييق عملي على ممارساتها لصلاحياتها الواضحة بنص القانون، فسلطة المراقبة الإدارية، وبمبرر الجائحة، تحولت إلى سلطة وصاية بامتياز، وهي ممارسات تتنافى مع المقتضيات الدستورية والقوانين التنظيمية التي اعتقدنا معها، وإلى عهد قريب، أن عهد الهواتف والخطوط الحمراء قد انتهى زمنه وولى.
المطلوب اليوم وليس غدا، وفي هذه الظرفية الاستثنائية، ليس تعطيل “الديموقراطية” وخلق بلوكاج من نوع جديد، خصوصا وأننا مقبلون على انتخابات جديدة، نراهن عليها جميعا أن تتحول إلى مناسبة لتعزيز الثقة في المؤسسات الوطنية، وتجعل من المؤسسات المنتخبة رافعة حقيقية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية إضافية في معركة بلادنا وهي تواجه التداعيات الخطيرة لكوفيد – 19، بنخب سياسية شابة واعية ومؤطرة سياسيا، وقادرة على مجابهة هذه التحديات…